العرب يتوسدون نعش الموت في العيد

0
1686

بقلم / فارس بن جمعة الوهيبي⁦

انقضتْ الساعاتُ الأولى من عيدِ الفطر، لألهثَ إلى الأخبار، نافضاً ترابَ التعبِ، فإدمانُ الخبرِ لا يحتسى إلا بقهوةِ سماعِ خبرٍ سعيدٍ في أيامٍ مباركة.
الصاعقةُ المؤسفةُ تتسيدُ المشهدَ، حطامُ بلداتِ الغوطةِ الشرقيةِ بسوريا، ولكنهُ لم يوقفٍ أطفالها عن اللعبِ ورسمِ فرحةِ العيد، والأمهاتُ يبتسمن من شرفاتِ منازلهن المكسرة، والآباءُ يضعون حجرةً حجرة محاولةً منهم إعادة الحياةِ مرةً أخرى في بلدٍ لم تبقِ الحرب منه ولم تذر، خبرٌ تتلوهُ تلك المذيعة الشقراء وقد ازينت في عيدِ المسلمين، فهي على موعدٍ لغداءٍ فاخرٍ بعد نشرةِ الأخبار.

سُرق مني الوقت وأنا أتأملُ وجهَ المذيعة وقد نسيتُ أطفال سوريا، وما هي إلا دقائق معدودة، رسالةٌ على هاتفي قادمةً من الحديدة في اليمنِ الحزين، لصديقي علي أبو الحياء يهنأني بالعيد، للأسف سبقني بالسؤال وأنا الذي أعيشُ في الرخاء، ووطنهُ هو تعيشُ ويلات الألم والجوع والعطش والتدمير والأسى، فرسالةُ علي أوحت إليّ أن اليمن سيعودُ سعيداً.

شقت الابتسامةُ وجهي، وأنا أرشُ عطري المفضل، متجهاً إلى مجلسِ بيتنا، فإذا بأقاربي قد سبقوني مع اقترابِ وقتِ الغداء، أسلمُ عليهم سلام العيد، وفي الجانبِ الآخرِ أسمعُ حسيس بعضهم يتحدثون السياسة، متصدراً المشهدَ القمتين الطارئتين الخليجية والعربية التي أقيمتا في قصرِ الصفا، بجانبِ الحرمِ المكي، فلعل العرب أو البيت الخليجي، يلتقون على كلمةٍ سواء، فاتفقوا على مرأى ساعة الحرم ” أنهم لم يتفقوا “، وحتى أحاديثنا في المجلسِ أصبح الجميعُ أيضاً محللاً في الشأنِ المحلي ولم نتفق، فما بين ارتفاعِ أسعارِ المشتقات النفطية، وفرضِ الضريبةِ على السلعِ المنتقاة ومخاوف أن تطالَ سلعٍ أخرى، وقضيةِ الستةِ والثلاثين مليون وأين وصلت في تحقيقاتِها.

ففي الحقيقةِ لم تسغْ لي لقمة واحدة من لحمِ المحمس، فمع كلِ خبزةٍ خبر، فالشخصُ الذي أمامي يأكلُ ويتمتمُ بما يحدثُ في السودان تحت قبضةِ العسكر، والمدنيون يطالبون بحكم ديموقراطي، مشبهاً تكرار مشهد أم الدنيا، وأنا أرى في ذلك اختلاف الظروف والمرحلة.

خبزةٌ أخرى أمضعها مع الملفِ النووي والتوتراتِ الإيرانيةِ الإمريكية التي تلوحُ في الأفقِ بأنها لن تنتهي قريباً مع المجنون ترامب، والخيطُ الخليجيُ قد دخلَ في الإبرة بسهولة، والألمُ قد بدأ حقا… يضحك أحدهم ” الحمدلله البقرة ما زالت حلوباً “، وفي خلدي يتراقصُ أن المفتاحَ المعلقَ في بيتِ البركة جزء مهم من حلِ اللعبةِ، كما كان مفتاحا قلعتي الجلالي والميراني حلاً في وقت سابق، ولا ريب سيصرخ البعض في الوقت المشؤوم ” واااااقابوساه “.