شذىً من السيرة العطرة

0
1767

بقلم/ ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

يطيب لي في مستهل مقالي هذا بعد حمد الله ربي ومولاي وسيدي وخالقي فله الحمد على الدوام ما تعاقبت الليالي والأيام ومضت الشهور والأعوام أن أصلي وأسلم على خير مبعوث للأنام مسك الختام ومصباح الظلام نبينا محمد عليه الصلاة وأزكى السلام وآله وصحبه الكرام وكل من اهتدى بهديه وسنته إلى يوم البعث والقيام وبعد

فقد بعث لي العم محمد خير البواب وهو من أهل سورية الأحباب :- مادة مسموعة ومرئية بها نبذة أولية ولمحة نورانية تتحدث عن رضاعة خير البرية وسيد البشرية فأخذني الشوق إلى الملامح المحمدية والسيرة العطرة المرضية فأردت أن أتعرض لهذه النفحات وأفوز منها ببعض البركات فإن لله نفحات وقد أُمرنا أن نتعرض لها وإن للنبي صلى الله عليه وسلم بركات نسأل الله جميعًا أن يغمرنا بها فأحببتُ أن أنقلها لكم كما شاهدتها وسمعتها وأتت بها كُتب السير كي نتعاون على البر ونشترك في الأجر ولنا عظيم الفخر بأن ننشر هذا النور والفكر فمكانته صلى الله عليه وسلم في قلوبنا فخر وأي فخر واتباعه عزٌ وشرفٌ ونصر ،وهي لفضيلة الشيخ محمود حمشو من الجزء الثالث من سيرة المصطفى – فإليكموها كما وجدناها :-
ارتضع صلى الله عليه وسلم من ثمانية من النساء منهم خولة بنت المنذر وأم أيمن الحبشية وأول من أرضعته ثويبة جارية عمه أبي لهب الذي أعتقها حين بشرته بولادته وإرضاعها كان لأيامٍ قلائل قبل أن تقدم حليمة السعدية ثم أرضعته حليمة السعدية رضي الله عنها وأرضاها وتقول في ذلك خرجتُ في نسوةٍ من بني سعد ابن بكر يطلبن الرضعاء في سنة شهباء ذات جدٍ وقحط لم تبقِ شيئًا وكنت على أتانٍ قمراء مُسنة ماتبضُ بقطرة لبن فخرجتُ على أتاني تلك حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء وما من امرأة إلا وقد عُرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه إذا قيل لها يتيم وكُن يقُلن يتيم ماذا عسى أن تصنع أُمه وجده فما بقيت إمرأةٌ معي إلا وأخذت رضيعًا غيري

فلما أجمعن الإنطلاق قلتُ لزوجي واللهِ إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ولم أأخذ رضيعًا واللهِ لأذهبن إلى ذلك الرضيع فلآخذنه فاستقبلني عبد المطلب وقال من أنتِ قلتُ امرأة من بني سعد قال ما اسمك قلتُ حليمة فتبسم وقال بخٍ بخٍ سعد وحلم خصلتان فيهما خير الدهر وعز الأبد ياحليمة إن عندي غلامًا يتيمًا وقد عرضته على نساء بني سعد فأبين أن يقبلن وقُلن ما عند اليتيم من الخير إنما نلتمس الكرامة من الآباء فهل لك أن ترضعيه وعسى أن تسعدي به فقلتُ هلم الصبي فاستهل وجهه فرحًا فأخذني وأدخلني بيت آمنه وأدخلني في البيت الذي فيه محمد صلى الله عليه وسلم فإذا هو مدرج في ثوب صوفٍ أبيض من اللبن وتحته حريرة خضراء راقدٌ يغط في نومه تفوح منه رائحة المسك فأشفقت أن أوقظه من نومه لحسنه وجماله فوضعت يدي على صدره فتبسم ضاحكًا وفتح عينيه إليّ فكأن نورًا خرج من عينيه حتى دخل خلال السماء وأنا أنظر فقبلته بين عينيه وأخذته فلما وضعته على حجري قبل ثدياي بما شاء الله من لبن فشرب حتى رُوي من الثدي الأيمن فعرضتُ عليه الأيسر فأباه وكانت تلك حالته بعد ، لا يقبل إلا ثديًا واحدًا وهو الأيمن وشرب معه أخوه حتى رُوي ثم نام وما كنا ننام قبل ذلك من الجوع فقام زوجي إلى شاتنا فإذا هي ممتلئة الضرع من اللبن فجلب منها ما شرب وشربتُ حتى انتهينا ريا وشبعا فبتنا خير ليلة

يقول زوجي حين أصبحنا تعلمي والله يا حليمة لقد أخذتي نسمة مباركة قلتُ والله إني لأرجو ذلك ثم خرجنا وركبت أتاني وحملته معي عليها فو الله لقطعت بالركب حتى أن صواحبي يقلن لي يا ابنة أبي ذؤيب ويحك أربعي أليست هذه أتانك التي كنتِ خرجتي عليها تخفضك طورًا وترفعك أخرى فأقول بهن بلى واللهِ إنها لهي فيقلن والله إن لها لشأنًا قالت ثم قدمنا منازل بني سعد ولا أعلم أرضًا من أراضي الله أجدب منها فكانت غنمي تروح بعد ما قدمنا به شباعًا لبنًا فنحلب ونشرب ما شئنا فلم نزل نعرف من الله تعالى الزيادة والخير حتى مضت سنتاه ، وكان يشبُ شبًا لا يشبه الغلمان فلم يقطع سنتيه حتى كان غلامًا شديدًا فلما بلغ الشهرين كان يجيء إلى كل جانب ولما بلغ ثمانية أشهر كان يتكلم بحيث يسمع كلامه ولما بلغ تسعة أشهر كان يتكلم الكلام الفصيح ولما بلغ عشرة أشهر كان يرمي بالسهام مع الصبيان وكان ينزل كل يوم عليه نور كنور الشمس ثم ينجلي عنه

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال ؛- كان أول كلام تكلم به حين فطمته حليمة الله أكبر كبيرا والحمدلله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا
لا إله إلا الله قدوسًا قدوسا نامت العيون والرحمن لا تأخذه سنة ولا نوم ، وتقول حليمة لما دخلت به إلى منزلي لم يبقَ منزلًا من منازل بني سعد إلا شممنا منه ريح المسك والقيت محبته واعتقاد بركته في قلوب الناس جميعًا ، حتى إن أحدهم كان إذا نزل به أذىً في جسده أخذ كفه فيضعها في موضع الأذى فيبرأ بإذن الله انتهت هذه النبذة النورانية اليسيرة خلال فترة رضاعته وصباه، فضلًا عن الارهاصات التي حدثت إبان ولادته وهي كالشمس في رابعة النهار ضجت بها كتب السير واخبرت بمقدمه الكتب السماوية وبشر به عيسى عليه السلام وأيده الله بالوحي والقرآن والكرامات وخصه بالنور والهبات فكان هذا اليتيم سيد الاولين والآخرين وخير خلق الله أجمعين اللهم ارزقنا اتباعه واحشرنا في زمرته جمعًا على سنته وطاعته ولقنا في الحشر من شفاعته وأختم مقالي هذا بصلاة تبتهج بها النفوس وتقر بها العيون وتشفى بها القلوب
اللهم صلِ وسلم على سيدنا محمد طب القلوب ودوائها وعافية الأبدان وشفائها ونور الأبصار وضيائها وعلى آله وصحبه وسلم.