همسات عن الأمانة

0
1356
بقلم/ ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي
 تواصل معي أحد  المُحبين  وقال لي لم لا تكتب عن الأمانة فتنفستُ الصُعداء وقلتُ له أتيتَ بقولك هذا على الجرح الغائر الذي  تقصده الجراح الجديدة لتزيد من عمقه وتبعث تفجر جراحه من جديد، إن مُشكلة بعض البشر هي العواطف المؤقتة  التي تثور وتومض لبرهة ثم تخبو عند تأثرهم بحدث ما ثم سرعان ما ينسون وربما يتم صرفهم لحدث آخر وكأن شيئًا لم يكن
وقد وفقنا الله وكتبنا  عن الأمانة كما كتبنا  عن العفو والتواضع  وضربنا الأمثلة بخير الخلق نبينا محمد الصادق الأمين عليه الصلاة وأفضل التسليم  بل وكتبنا مقالًا فيما مضى  أسميناهُ بالرجل الأمين، والأمانة أحبتي القراء ترتبط ارتباطًا وثيقًا  بخشية الله في السر والعلن  وبطهارة النفوس، فكيف تكون هناك أمانة وقد انتهكت الحرمات وضيعت الحدود وعطلت الأحكام ولم يطبق شرع الله في أرضه أين الوازع الديني في كل واحدٍ فينا بل أين التأسي بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم لدى كل واحدٍ منا ولنا فيه أُسوة حسنة وهذه مسؤولية الجميع فلو كان هناك رادعًا لما تفشت مثل هذه الأمور  وكثرت لماذا لا يكون كل واحد منا أمين نفسه فهو أمينٌ ومستأمن، وهذا الأمر يحتاج لفعل وبرهان لا مواعظ فحسب ولقلقة باللسان وحينما يكون الجزاء من جنس العمل .
هنا يتوقف الظُلم ويتلاشى الجور وتسعد الأوطان ،  فقبل  أن تقع هذه الحوادث  الأخيرة  كانت هناك حوادث أكبر منها وأكثر منها ضررًا للبلاد والعباد ذهبت أدراج الرياح  وبالتالي من أمن العقوبة أساء الأدب ولنضرب مثالًا واحدًا من أمثلة العدل المشرق فهذا سيدنا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه عندما  ولي  القضاء ، فمكث سنة كاملة لم يأته فيها مختصمان ثم طلب إعفاءه من هذا العمل  وقال لا حاجة لي بقوم  عرفوا ما لهم وما عليهم وأطاعوا ربهم  وتآمروا بينهم بالمعروف وتناهوا فيما بينهم عن المنكر، ما أحوجنا أن نكون كهؤلاء هل هم رجال لا نطيق فعلهم  كلا ولكنهم جدوا  وقصرنا الخُطى، ما أجمل الحياة بتطبيق شرع الله  وإقامة حدوده وما أجملها حينما يتضوع فينا عبق سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم فيعم الأرض شذى مسك عدله ونتطهر بخلقه وسيرته ويكون لذلك أثر علينا  قولا وعملا ، لماذا لا تكون هناك  جهة أمينة مدعومة موثوقة تشرف وتتابع كل صغيرة وكبيرة أولًا بأول  ولها السُلطة المطلقةُ لاجتثاث الفساد واستئصاله من جذوره فالأمر سهل إن أردنا تطبيقه وصعب  إن أردناه أن يتفشى لأجل المصالح ولأجل الخدمة مقابل الخدمة .
إن يد الفساد  إن لم تبتر عملًا بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم  ستتفرع أذرعها وقد تفرعت وستطبق على حقوق  العباد وقد أطبقت، إن الرزايا تجر بعضها البعض فيطمع في حقوق البلاد والعباد  القريب والبعيد  وبالتالي  إن كان هذا الضعف من القريب  سيستقوي البعيد ويتجرأ   ومن كان به ذرة من شرف  لا يبيع وطنه بأرخص الأثمان ولا يتعامل عليه ويخونه هكذا عيانًا  بكل نذالة وخُبث جنان، وهو يعيش على أرضه ويأكل من خيراته فبئس العيش له وبئس الخسران ، مع ثقتنا الكاملة في حكومتنا الرشيدة وقيادتنا الحكيمة في التصدي  لمثل هذه الحوادث والقضايا ولا شك أن القانون سيأخذ مجراه وللعدل عودة وكرة  والتفاؤل مطلوب والعبرة بالخواتيم لكل من كان له نظرة وفكرة، حفظ الله سيدي السُلطان وقيادته الحكيمة  من كل الخطوب  وحفظ الله شعب عُمان وسائر الأوطان والشعوب.