في حضرة الشيخ

0
2080

بقلم/ ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

.يسامرني الليل وتحتويني الكلمات وأجافي مضجعي فيهجرني السبات فأصغي لعزف الليل المنساب كالنسمات ألملم فكري فلا تبعثر أو شتات أتذكر سالف الأزمان فتخنقني العبرات وتأخذني الذكرى لأسعد اللحظات، بالأمس كانوا هنا واليوم قد رحلوا فقد كانوا لنا الضياء في الليالي المظلمات وكانوا لنا العون بعد الله تعالى إذا ألمت بنا المُلمات وعصفت بنا الحوادث المدلهمات، نوازع الشوق تأخدني إليهم ، أكاد أسمع همساتهم تهمس بي وآهٍ ما أروعها من همسات .

نحن لا نخشى عليك عليك أكمل الدرب وحدك فمعية الله أعظم من كل القربات ، فقط تجنب معصيته وراقبه في أقوالك وأفعالك وسترى العجب من فيض الهبات ) كُنتُ أُردد بيتين من الشِعرِ في حضرة الشيخ سعيد بن خلف الخروصي رحمه الله
وهما :
لنفسك خُصَ أذكارا
وطِر مع كُلِ من طارا
وصُم عن كلِّ معصيةٍ
تكن في الذكرِ طيارا
سألني الشيخُ في استغراب لمن البيتان قلتُ له إنهما لي فأيد الشيخُ قولي وبارك سعيي وقد وضعتهما في مقدمة كتابي البرق اللامع من الذكر الجامع ، كان الشيخ أديبًا وفقيهًا وقاضيًا وبحرًا زاخرًا بالعلم ومرجعًا للناس وهو من العُلماء العاملين وقد حوى من علوم المتقدمين والمتأخرين وكان مساعدًا لسماحة الشيخ المفتي وكانت حياته علمًا وعملًا وعطاءً وبذلًا، ولما تُوفي والدي رحمه الله ذهبتُ إلى الشيخ بأبياتٍ كتبتُها في حقِ والدي فقلتُ فيه :-
ألا يا أبي يا عظيم المقام
ذرفتُ الدموع مرارًا سجام
ألا يا أبي أين حُلوُ الكلام
وأين الخروجُ معًا يا هُمام
ألا يا أبي أنت رمزُ العطاء
إليك الدموعُ عليك السلام
بذلتَ المزيدَ دفنتَ الغِراس
حصدتَ الأُجورَ تركتَ الحُطام
فتهلل وجه الشيخ رحمه الله بالبشر وقال لي مُبتسمًا إن هذه الأبيات موزونة وليس بها أيُ زحف وأثنى على ما كتبت فيالها من شهادةٍ من شيخٍ مثله وياله من شرفٍ عظيم تغمد الله الشيخ وأبي برحماته وأكرمهما بالفردوس الأعلى في أعالي جِنانه ، وهي في حقيقة الأمر محاولات مني في نظم الشعر حيث أن جُل كتاباتي في النثر والميل لكتابة المقالات الأدبية أكثر منه للنظم ولكل ميدانٍ فرسانُه ولكل مجالٍ روادُه ولا نقوى على مجاراة الشعراء بل نحاول محاكاتهم بالقليل ولن نبلغ شأوهم وهيهات أن نلحق بركبهم بل نتطفل عليهم بما نكتب فإما أن يستحسنوا ما نكتب وإما أن يعرضوا عنه وينقدوه، وقد تطفلتُ أيضًا بأبياتٍ في حق سماحة الشيخ المفتي أحمد بن حمد الخليلي حفظه الله فقلتُ فيه :
ومَن كمثلِ شيخنا الخليلي
يضىءُ في الظلماءِ كالقنديلِ
يرقى إلى العلياءِ بالأذكارِ
يُعطيك بُرهانًا مع الدليلِ

وقد اطلعتُ على أبيات كتبتها المُعلمةُ والشاعرة السُعودية مريم الفلاح وهي من ناحية الأحساء بالمملكة العربية السعودية وقد راقت لي الأبيات حيث قالت فيها

‏خسئَ السفورُ..وشاهتِ الحُرّية
‏فلأيِّ شيءٍ .. تخلقون قضية؟!

‏إني ابنةُ الإسلامِ رباّني على
‏خُلُقٍ تنزّهَ ..عن قَبولِ رزيَّةْ

‏هو من أرادَ ليَ الإباءَ وشاء لي
‏حفظَ الكرامةِ..كي أعيش أبيّةْ

‏أنا بنتُ فاطمةٍ وعائشةٍ وزينبَ
‏والشفاءِوحفصةٍ ..وصفيّةْ

فقلتُ بعد اعجابي بأبياتها وقد أنطقها الله بالحق فجزاها الله عنا وعن الإسلام كل خير :-

لا فض فوكِ مريم المرضيةْ
‏إن الحجاب لستر كل أبيةْ
‏وبه النزاهة أينعت وترعرعت
‏ طهر النساء وعفة البشريةْ
‏وبه الرقي لأمة ترجو به
‏رب العباد وواهب الحريةْ

وأختم مقالي هذا بأبيات لشيخي سعيد بن خلف الخروصي رحمه الله في إحدى زياراته الميمونة المباركة لبيت الله الحرام لأداء العُمرة وقد أخذه الشوق أيضًا لزيارة خير الأنام ومصباح الظلام نبينا محمدٍ عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام وقد سُجل له هذا النظم بالصوت والصورة حيث قال :-

نوازعُ شوقٍ حركتني لمكة
لنقضي نفلًا عمرةً بعد عمرةِ
كَذاكَ نسيمُ الطيبِ من نحو طيبةٍ
أثار رسيسًا في الفؤادِ لطيبةِ
لنقضي تسليمًا على خير مرسلٍ
أتى بالهُدى من ربهِ والشريعةِ