فراشة الربيع

0
1160

قصة قصيرة بقلم / يعقوب بن راشد بن سالم السعدي

أمام التسريحة عندما أكملت هندام إبنتها الجميلة بل آية في الجمال ، تناولت التاج المرصع بالبلور والبستها إياه لتكتمل أناقتها مع فستانها الذهبي المطرز بخيوط من دودة القش وريش النعام .

خرجت بها ممسكه يدها اليمنى وهي تمشي بجانبها نحو بهو المنزل الذي شيدت أركانه بحطب الكندل حالة حال سقفه ، ممر شبه طويل على جانبيه مجموعة من قرون الغزال والوعل وفرو الثعلب والذئب البري الرمادي المتداخل مع اللون الأبيض لفراء الرقبة وقليلا من الوجة ، الزخرفات والنقوشات البرهتية تشد الفتاة إليها ظناً منها إنها تشبه خربشاتها على صبورة معلمتها الطاعنة في السن .

مسكينة تلك الصبورة المهترئة جوانبها وكأنها خاضت جزء يسير من نهايات الحرب الباردة ، تمشي وكأنها طير عفاد يتمايل وصوته الشجي الناعم يطرب الآذان، لقد إبتسمت عندما شاهدت أبيها يطل من بهو المنزل إلى الممر وإذا بها تنزلق يدها من يدي أمها وهي تجري في الممر تسابق كل شيء من أجل أن تسكن في صدر أبيها ، نعم أشتاقت لذلك الصدر الدافئ والروح الحانية .

فمنذ أن سافر للصيد في شهر نيسان لم يعد إلا المنزل مطلقاً ولم تسمع عنه شيء ، احتضنها بشدة ثم رفعها بكلتا ذراعية إلى أعلى لتطير مثل الفراشة في حقول الربيع ، هكذا سهرت تغني بصحبة أمها على صدر أبيها أغنية الشوق الحالم ، وترقصان معه على أوتار الحياة الرائعة في منزل السعادة بعد غياب طويل .