اضطراب الهوية الانثوية

0
1481

الأنثى كائن رقيق حساس ميزها الله في خلقتها عن الرجل في كثير من الخصائص الجسمية والعقلية والنفسية ، لكن في السنوات الأخيرة طفت ظاهرة سلوكية غريبة لدى بعض الإناث وذلك بالتخلي عن لطافة ونعومة الأنثى

فيهن وتقمص أدوار الذكور بالتمرد على فطرتهن كإناث وأصبحن ما يطلق عليهن بالدارجة بويات، والبوية ككلمة منقولة من الكلمة الانجليزية (BOY) مضاف لها تاء التأنيث من اللغة العربية لتطلق على كل أنثى مسترجلة في هيئتها وسلوكها. هذه الظاهرة بدأت تطفو للسطح تزامنا مع بعض المسلسلات الخليجية التي كانت فيها بعض الإناث بقصات الشعر الرجالية أو حلاقة شعر الرأس وارتداء الملابس والإكسسوارات الغريبة الشكل، وممارسة السلوكيات الخاصة بالذكور، ولم تعد هذه المشاهد محصورة في المسلسلات فقط، فقد باتت هذه الظاهرة وهذا الغريب منتشرا في مجتمعاتنا وأصبحنا نشاهد الكثير من الإناث المسترجلات في مختلف الأماكن والمناسبات.

فأنه لا يحظرني أي معلومات وإحصائيات مؤكدة عن حجم ومدى تفشي هذه الظاهرة في مجتمعنا العماني، لكنها ظاهرة متفشية بكثرة في بعض الدول الخليجية، لدرجة أن إحدى الدول قد أصدرت قرارا بفصل الطالبات المسترجلات من المدارس لما يشكلنه من خطر على المجتمع بأسره. إلا أن تذمر بعض أولياء الأمور والطلبة في مدارسنا من سلوكيات هذه الفئة كالتمرد والشللية والعنف تجاه الطالبات الأخريات ، ومشاهدة نماذج من المسترجلات في بعض الأماكن العامة يعطي مؤشرا عن وجود هذه الظاهرة في مجتمعنا العماني أيضا. والمسترجلة إما أن تكون مريضة باضطراب هرموني كنقص الغدة الدرقية أو زيادة هرمون التستوستيرون الذكوري، حيث كان المجتمع يتكتم ويخفي مثل هذه الحالات المرضية سابقا من منطلق العيب أو الخوف، وهذا النوع يستدعي علاجا طبيا بالهرمونات أو بالعمليات الجراحية في بعض الحالات وهي حالات نادرة ليست بالكثيرة. والنوع الأخر من المسترجلات وهو الأخطر على المجتمع لأنه الأكثر، وهي المسترجلة بسبب خلل في الهوية الجنسية.

هذه الحالة غذتها أنماط الحياة المعاصرة من انفتاح لا محدود على العالم الخارجي وثورة الاتصالات والانترنت والتقليد الأعمى لبعض العادات الدخيلة وغياب الرقابة الأسرية وتفككها، والتعرض للتحرش الجنسي في الطفولة والمراهقة وأحادية الفتاة احيانا بين مجموعة من الأخوة الذكور تتأثر بهم وبسلوكهم وبفكرهم وبنمط تربيتهم فبعض هذه الأسباب قد تسبب عقدا نفسية لدى بعض الإناث لتسبب لهن لاحقا حالة عزوف من هويتهن كإناث والبحث عن أنفسهن في هوية الذكور. تبدأ هذه الحالة في بدايات مرحلة المراهقة مع كل مايرافقها من اضطرابات نفسية، وإن لم تجد تدخلا ورعاية وعلاجا سريعا في الوقت المناسب، فإنها ستؤدي بهن إلى انحراف سلوكي شاذ قد تصل إلى المثلية الجنسية والتحرش في الإناث مستقبلا، وبسبب التقمص العميق لدور وسلوك الذكور فإن أجساد بعض الاناث يبدأ لا إراديا بإفراز هرمون الذكورة لتظهر لهن لحية ويخشوشن لديهن الصوت وغيرها من خصائص وسمات الذكور لتبدأ بالتحول تدريجيا إلى جسد وفكر رجل حقيقي. وفي الغالب فإن بعض الفتيات من هذه الفئة يتقمصن دور الذكر في الخفاء، وبشخصيتين، شخصية أنثى أمام الأسرة والمجتمع وشخصية ذكر أمام الصديقات والعالم الذكوري الخاص بها. كانت هذه الظاهرة سابقا من المحظورات التي لا نستطيع التحدث عنها، ولكن أظن أنه أصبح من الصعب تجاهلها الآن لأن هناك بوادر لانتشارها في مجتمعنا فأعداد المسترجلات في تزايد مستمر، وهي ظاهرة إن تغافلنا عنها فهي بداية لخلل الأدوار الاجتماعية للذكر والأنثى، عدا كونها ظاهرة تنافي الفطرة الانسانية أيضا، ومع كل ما يرافق هذه الظاهرة من توابع ومشاكل أخرى .

فهو أمر يدعو للقلق والخوف ليدق المجتمع ناقوس الخطر تجاه هذه الفئة بالانتباه إلى سلوك الأبناء وتنشئتهم بأساليب التربية الصحيحة السليمة وتكثيف برامج التوعية والتثقيف حول كل ما يخص هذه المشكلة خاصة في مؤسساتنا التربوية والتعليمية، كما أننا بحاجة إلى دراسات علمية دقيقة نستطيع من خلالها تحديد حجم المشكلة ومدى وأسباب انتشارها للوقوف على المشكلة ومحاولة فهمها وعلاجها قبل استفحالها.

رحمة البلوشي