السلطنة تستضيف حلقة عمل لمناقشة تطوير تقنيات الزراعة المحمية في دول المجلس التعاون الخليجية

0
2149

رعى صباح اليوم الأحد سعادة الدكتور أحمد بن ناصر البكري، وكيل وزارة الزراعة والثروة السمكية للزراعة افتتاح أعمال حلقة العمل بعنوان (إمكانيات الزراعة المحمية في دول مجلس التعاون الخليجية: خفض استهلاك المياه ودعم تعزيز التغذية والامن الغذائي) بفندق سندس روتانا، والتي تنظمها وزارة الزراعة والثروة السمكية بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بمشاركة عدد من الخبراء والباحثين والمزارعين من داخل وخارج السلطنة وتستمر ثلاثة أيام. وتهدف الى فتح المبادرات امام مزيد من التعاون في هذا المجال المائي داخل دول مجلس التعاون الخليجي نظرا لأهمية البيوت المحية في زيادة الإنتاجية ورفع كفاءة استخدام المياه بشكل كبير ومن المتوقع الخروج بتوصيات من شانها المساهمة في تطوير تقنيات الزراعة المحمية في دول المجلس

وقال الدكتور حمود بن درويش الحسني، مدير عام البحوث الزراعية والحيوانية بوزارة الزراعة والثروة السمكية: لقد بدأ التنوع في زراعة محاصيل الخضر في السلطنة منذ فتره طويله وذلك عبر ادخال وتقييم العديد من أنواع وأصناف الخضروات الإنتاجية العالمية ونشر زراعتها لدى المزارعين الأمر الذي ساهم في زيادة إنتاج تلك المحاصيل حيث تشير إحصائيات الوزارة لعام 2017 الى ان اجمالي المساحة المزروعة بمختلف أنواع المحاصيل الخضر بلغت 40116 فدان وبإجمالي إنتاج وصل الى 410167 طن. وفي منتصف الثمانينات ولمدة موسم إنتاج الخضر في السلطنة وخاصه في فصل الصيف تم ادخال تقنيات جديدة لزراعه الخضر في الوحدات المحمية حيث أجريت العديد من الدراسات البحثية لتطويرها والوصول الى التصميم المناسب لها تحت ظروف السلطنة ومن ثم نقلها الى المزارعين وقد توالت بعد ذلك طرق تطوير انظمة الزراعة المحمية على مدى السنوات الماضية.

 

واشار الى ان الوزارة قامت وبالتعاون مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافه (ايكاردا) من خلال مشروع شبه الجزيرة العربية بإدخال طرق الزراعة بدون تربه بنظاميها المغلق والمفتوح والزراعة الراسية، حيث اثبتت هذه الأنظمة كفاءتها ونجحت في حل العديد من المشاكل التي تعاني منها الزراعات المحمية في السلطنة ودول المجلس وأدت الى زيادة في كفاءه استخدام المياه والأسمدة وتحسين الإنتاجية كما ونوعا والحد من استخدام المبيدات.

وأضاف :  كما قامت الوزارة بالجهود الحديثة لنشر زراعات الوحدات المحمية بمختلف تقنياتها حيث وصل إجمالي عدد الوحدات المحمية في السلطنة حاليا 6516  تشمل عدد كبير من وحدات محمية مطبق بها تقنيات الزراعة بدون تربه ، و في الآونة الأخيرة خطت الوزارة في مجال نشر تقنيات الزراعة بدون تربه خطوات الاخرى تمثل في تبني ونشر هذه التقنيات لدى عدد من المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم حيث تم تركيب العديد من الوحدات المحمية في تلك المدارس وتدريب الطلبة على الامور الفنية المتعلقة بها طيلة فترة الزراعة الامر الذي كان له بالغ الاثر في نشر فكره هذه التقنيات لدى طلبه المدارس.

وقالت سعادة الدكتورة نورة أورابح حداد ،ممثلة مكتب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ( الفاو ) في السلطنة : تشير البيانات إلى أن موارد المياه العذبة في المنطقة هي من بين أدنى المعدلات في العالم، وفي جميع دول مجلس التعاون الخليجي، أصبح الإفراط في استغلال المياه الجوفية الأحفورية حقيقة واقعة، ويتم تلبية الطلب المتزايد على المياه العذبة من خلال مصدرين رئيسيين وهما: مياه البحر المحلاة ومياه الصرف الصحي المعالجة وسلطنة عمان لا تستثنى في هذا الصدد حيث تتعرض مخزوناتها من المياه الجوفية الساحلية الى ضغوط شديدة ويؤدي تسرب مياه البحر إلى زيادة ملوحة الأراضي الزراعية مما يجعل هذا الواقع تحدي رئيسي بمناطق مثل سهل الباطنة وسهول صلالة الساحلية.

وأضافت: يُقدّر إجمالي سحب المياه الجوفية في عُمان بـ 1.186 مليار متر مكعب سنوياً، ويتم نقل حوالي الثلثين من خلال سحبها عبر الآبار والثلث الآخر يتم استهلاكه عبر نظام الأفلاج والتي تمثل حوالي 89٪ من إجمالي سحب المياه من 1.321 مليار متر مكعب في عام 2003. FAO Aquastat))

وفي الوقت الحالي، يتخطى استهلاك المياه الجوفية بكثير التغذية، مما يؤدي إلى استنفاذ مصادر المياه الجوفية حيث يعد تلوث المياه الجوفية وزيادة ملوحة المياه مصدر قلق متزايد.

وتتابع..    مع هذه المحددات يأتي نقص القدرة على إنتاج ما يكفي من الغذاء للسكان المحليين مما يلقي بانعكاساته على الأمن الغذائي في دول مجلس التعاون الخليجي.

وبشكل عام، تعتمد هذه الدول على وارداتها من الغذاء لتلبية ما يقارب 90٪ من حجم الطلب – وهذا الاعتماد يجعلها عرضة لأوجه عدم اليقين في أسوق الغذاء العالمي، لذلك وللحد من خطر انعدام الأمن الغذائي، قررت العديد من بلدان المنطقة جعل الأمن الغذائي ذو أولوية لها مع تشجيع الاستثمارات عبر سلاسل القيمة الزراعية.

وعن السلطنة قال: أن الإنتاج الزراعي تحسن بشكل ملحوظ من حيث غلة المحاصيل وكذلك في العوائد الاقتصادية في السنوات القليلة الماضية، بفضل الجهود والاستثمارات في القطاع الزراعي. ومع ذلك، فإن نقص المياه وزيادة الملوحة في الآبار وأساليب الري السطحي أصبحت عوامل محددة من حيث الاستفادة من إنتاجية المياه، ولذلك يجب ألا تزيد الإنتاجية فقط من حيث مساحة الأرض لكن أيضًا من حيث المياه، والتي يتم التعبير عنها غالبًا على أنها الحاجة لإنتاج “محصول أكبر لكل قطرة مياه.

وأضافت قائلة: وإدراكا لهذه الحالة، تبذل حكومة سلطنة عمان جهودا كبيرة من خلال تطوير وتنفيذ استراتيجيات وبرامج وطنية مختلفة. على سبيل المثال، تتضمن استراتيجية التنمية الزراعية والريفية المستدامة SARDS 2040) ) التي وضعتها وزارة الزراعة والثروة السمكية بدعم من منظمة الأغذية والزراعة الدولية وتمت الموافقة عليها في عام 2016 ، نتائج حول الإدارة المستدامة المعززة للموارد الطبيعية في الزراعة. ومن الواضح أنها تضع مركزية الموارد المائية والحاجة إلى إدارتها واستخدامها على نحو مستدام.

وتتساءل سعادة الدكتورة في كلمتها قائلة: هناك سؤالان مهمان يتبادران إلى الذهن عند إثارة موضوع زيادة الاستثمارات في الزراعة. السؤال الأول هو: إلى أي مدى وبأي الطرق يمكن تعزيز الإنتاج الغذائي المحلي مع الاخذ في الاعتبار الافتقار إلى الأراضي الصالحة للزراعة والموارد المائية الشحيحة في شبه الجزيرة العربية؟ اما التساؤل الثاني فهو حول نوع الطعام الذي يجب إنتاجه داخليًا اثناء استخدام قاعدة الموارد الطبيعية المتوفرة بالمنطقة بحكمة. إن الاحتياجات الغذائية لسكان دول مجلس التعاون الخليجي ستستفيد بشكل كبير من نظام غذائي صحي متوازن أكثر ثراءً في الخضروات والفاكهة الطازجة خاصة عندما تظهر الأدلة وجود صلة مباشرة بين الأمراض غير المعدية المتزايدة، ولا سيما مشاكل القلب والأوعية الدموية والسكري وأنواع معينة من السرطان، والعبء الثلاثي للتغذية. وأضافت: يمكن أن توفر الزراعة المحمية خيار قابل للتطبيق على هذه الاستجوابات. لماذا هذا؟ في الواقع، يمكن أن تمثل إنتاجية الأرض في البيوت المحمية ما يصل إلى خمسة أضعاف، ويمكن أن تصل “إنتاجية المياه” إلى سبعة أضعاف، أي أكثر من نفس المساحة المزروعة في الأرض المكشوفة. كما تضمن الزراعة المحمية سلامة أعلى للأغذية لأن مكافحة الآفات والأمراض والحشائش تكون أكثر فعالية، مع مواد كيميائية أقل، في بيئة محمية منها في مجال مفتوح. كما أنه لا جدال في أن الزراعة المحمية هي نظام إنتاج مثالي وواقعي في ظل ظروف شبه الجزيرة العربية، مما يقترن بالحاجة إلى توفير المياه وحماية البيئة وتزويد أسواق المنطقة بالأغذية الطازجة والمغذية والصحية.

وقالت أيضا: مع الاعتراف بمسألة ندرة المياه التي طال أمدها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والفجوة المتسعة بين الطلب على موارد المياه العذبة وإمداداتها، فإن المنظمة، استجابة لاحتياجات البلدان الأعضاء للدعم وأنشئت في عام 2014 مبادرة ندرة المياه الإقليمية. وتنظيم حلقة العمل اليوم والتي تستمر لمدة ثلاثة أيام تعد واحدة من المعالم الرئيسية لهذه المبادرة. هذا الحدث على وجه الخصوص، هو نتيجة لمبادرة بدأت تحت رعاية وزارة المياه والبيئة في الإمارات العربية المتحدة. ومنها بدأت منظمة الأغذية والزراعة، والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (ICARDA)، والمركز الدولي للزراعة الملحية الحيوية (ICBA) مشروع تقييم للتوسع المحتمل للزراعة المحمية في دول مجلس التعاون الخليجي، بالشراكة مع متخصصين وخبراء من المنطقة، وتم الإبلاغ عن هذا التقييم في وثيقة بعنوان “فتح إمكانات الزراعة المحمية في دول مجلس التعاون الخليجي: خفض استهلاك المياه مع تحسين التغذية والأمن الغذائي“، والذي سيتم عرضه ومناقشته في حلقة العمل بالاشتراك مع أصحاب المصلحة المتعددين.

وعن الحلقة العملية قالت: تجمع هذه الحلقة بين العديد من أصحاب المصلحة من الأوساط الأكاديمية ومراكز البحوث والقطاع الخاص والمستثمرين ومستشاري الإرشاد والخدمات الإرشادية والوزارات والوكالات الحكومية. ويأتي هذا الحدث في الوقت المناسب في سياق تنفيذ جدول أعمال الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة.  وتوفر الحلقة العمل هذه فرصة ممتازة للمزيد من المناقشة والتبادل مع مختلف أصحاب المصلحة والجهات الفاعلة ذات الصلة في دول مجلس التعاون الخليجي حول التقليل من استهلاك المياه لإنتاج المحاصيل المستدامة وإيجاد طرق مبتكرة لتحسين إنتاجية المياه، ونتوقع من خلال حلقة العمل هذه، تبادل الخبرات، من أجل تحفيز المبادرات الحكومية واستثمارات القطاع الخاص. الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى زيادة توافر الغذاء المنتج محليًا، وفقًا لأعلى معايير الجودة وسلامة الأغذية، مع التوفير في الموارد المياه من خلال تقنيات الزراعة المحمية المبتكرة.

وأكدت ان منظمة الفاو على أهبة الاستعداد لمواصلة دعم المنطقة في جهودها لتحسين إدارة المياه عبر القطاع الزراعي بهدف تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

الجدير ذكره ان الزراعة المحمية تحظى بدعم خاص من جانب صناع القرار بدول مجلس التعاون الخليجي باعتبارها تنتج محاصيل تتسم بنوعية عالية وفق ظروف مناخية متقلبة.