المواطن الغيور على الوطن

0
1066

عزمني أحد الأصدقاء الثقات لوجبة غداء في منزله الكائن في مسقط ، فقبلتها بكل ترحاب ، هو يسكن في منزل أرضي جميل وبه مزرعة صغيرة لا تتعدى مساحتها مع المنزل 800 متر مربع ، وبعد أن تناولنا الغداء قال لي صديقي

: هل تصدق أن 80% من طعامي يأتي من هذه المزرعة الصغيرة ، كما ان انتاجها من الفواكه والخضروات يفيض عن حاجتي ويمكن ان يغطي جميع بيوت هذه القرية الصغيرة . ولكنه ما أن غير نغمة صوته فأصبحت أقل حماسا ، وقال اننا نعاني من العمالة الوافدة التي تخرب هذه البيئة والارض الخصبة بالاستنزاف الجائر والحرق واستخدام كافة الاسمدة الكيمائية الممنوعة التي لا يقبلها الشرع والقانون وحتى المنطق من اجل جني ارباح سريعة ، ونحن من نستهلك هذه الاغذية المشبعة بالسموم والميكروبات الضارة للصحة والبيئة ، ويضيف انهم حولوا أراضي زراعية إلى مناجر ومستودعات ومساكن للعمال التي لا تنطبق عليها معايير الأمن والسلامة المهنية ، مما سيضر بسمعة السلطنة وانتشار مشاكل اجتماعية معروفة للجميع ، ولا يمكن إهمال الجانب البيئي والذي سيغير من جغرافية المنطقة والمناطق المتبقية الصالحة للزراعة. يكمل صديقي حديثه قائلا: بأنه تواصل مع الجهات الحكومية المعنية ووثق كل شيء بلغة راقية ووثائق مرتبة وبادر بالحلول الفنية والعملية ، ولكن دون جدوى ، لدرجة أنه أستشعر بأن من تواصل معهم متواطئين مع أصحاب المزارع أو العمالة الوافدة التي تدير هذه المزارع ، وتحاول في أقصى سرعة أكل الأخضر واليابس وتسعى جاهدة لعرقلة أي تنظيم لهذا القطاع أو ذاك من اجل مصالحها من خلال من يكفلها من المواطنين. ما يحدث لصديقي المواطن “الغيور” صاحب المزرعة الصغيرة هو مجرد مثال بسيط يشابهه أمثلة أخرى كثيرة عندما ينقل “مواطنا” غيورا أخر شكواه المبنية على شواهد وأدلة كانت للشرطة أو للبلدية أو الوزارات الخدمية اﻷخرى ، ولا تلاقي بالمقابل أذانا صاغية وقرارات وخطوات جادة وذكية وفورية ومنظمة للرد والتفاعل الإيجابي معه ، فإن ذلك يزيد من اﻹحباط المتراكم لديه ، ولدى غيره من المواطنيين ممن يستمعون الى شكواه وقصته .

ان بعض مؤساساتنا الخدمية تخسر الكثير من شبابنا الغيور الذي يسعى بكل ما أؤتي للمحافظة على نقاء هذه الأرض الطيبة ، وذلك بسبب عدم وجود أليات واضحة وسهلة وسريعة وذكية لهذه المؤسسات للتواصل بينها وبين المواطن ، وبين ألية التعامل مع الشكاوي والمتابعة والتنفيذ ، لكي يكون المواطن من هذا الحراك الإيجابي ، وللأسف الشديد ينتقل عدوى شخص محبط كالعدوى وينتشر بسرعة ، وما يزيد الطين بلة أن هناك مؤسسات تسعى في التفاعل اﻹيجابي مع المواطنين ولكنها توسم بالتقصير.

خلاصة القول تكمن في عدد من الحلول والتوصيات وأهمها اﻹرداك المبكر “اليوم وليس غدا” لأهمية المحافظة على هذه الأرض الطيبة النقية ، وإشراك المواطن الغيور بل والسعي الجاد لزيادة أعدادهم في المشاركة المجتمعية قبل أن نخسرهم ، لكي لا يكونوا غير مفيدين عند الحاجة إليهم ، ولا يتأتي تنفيذ هذه التوصيات اﻹ من خلال العمل المؤسسي المنظم وبحلول ابتكارية علمية وخطوات سهلة وشفافة يستوعبها كل فئات المجتمع مستفيدين من التكنولوجيا الحديثة لتوضيفها لمساعدتنا في ايجاد الحلول السريعة التي تتناسب مع المتغيرات المتسارعة .

ولا يمكننا الوصول إلى العمل المؤسسي من خلال إجتهادات شخصية مشتتة هنا وهناك ، بل من خلال قيادات تؤمن إيمانا قويا بأهمية المحافظة على مكتسبات السلطنة والنهضة الحديثة ومؤسساتها المدنية التي أرسى دعائمها قائدنا الفذ مولانا جلالة السلطان قابوس المعظم حفظه الله ورعاه ومواطنيها الغيورين كلا من موقع.

بقلم /خلفان الطوقي