عمانيون ولكن…

0
2524

انتشر في الفترة الأخيرة أو ربما من فترة ليست قصيرة مقاطع مرئية ومسموعة تضع العمانيين موضع الملائكة حتى أنني حضرت محاضرة فإذا بالمحاضر يكيل عبارات المدح والثناء للعمانيين وارثي الأمجاد وسادة الأخلاق ويسوق كلمات الفخر بأبناء جلدته وخيل لي أن الحضور يطيرون إذ لم تسعهم ثيابهم من كثرة المديح أوليس حب الثناء طبيعة الإنسان؟

استفزني بأسلوبه فكانت مداخلتي عكس التيار حيث هَبَطْتُ بالعمانيين إلى مستوى البشر يصيبون ويخطئون بل ويقومون بكل ما يقوم به من هم من جنسهم من البشر العاديين ذلك لإيماني التام بأن المبالغة في إظهار الفضيلة مدعاة للشك ودليل على ممارسة النقيض وهذه مقولة حفظتها هكذا دون أن أتبين قائلها وأستعير ما قاله غازي القصيبي:
” احذر من المرأة التي تُكثر الحديث عن شرفها وفضيلتها، واحذر من الرجل الذي يكثر الحديث عن أمانته واستقامته”.

يقول المتنبي:
وليس يصح في الأفهام شيء
إذا احتاج النهار إلى دليل

العماني الحق لا يحفل بما يقال وإنما يترجم خصوصية المجتمع العماني بأفعال تُرى رأي العين وليس القول كالفعل أبداً إذ تجده بشوشاً حليماً حيياً مع الجميع لا يتدخل في شؤون غيره ولا يسمح لغيره أن يتدخل في شؤونه ولكنه غير منزَّه عن الزلل فكثير ما يقع في الخطأ ويجانب الصواب وربما رُسمت له صورة نمطية إيجابية كانت السبب في قبول الآخر له وإعجابه به.

لست متشائم ولا أُنَصِّبُ نفسي قاضياً وما راقبت الناس ولكنني أموت غماً مما أراه وأسمعه ففي الوقت الذي ارتسمت عن الشعب العماني صورة نمطية مثالية نجدنا نهدم ما بناه أجدادنا الذين جابوا البحار ونشروا الإسلام بأخلاقهم لا بسيوفهم.

حيث نتناقل اليوم مقاطع مرئية وصوتية لبعض بني جلدتنا تخدش الحياء فما بين سب وغيبة وذكر للقبائل والأعراض وما بين أصوات مائعة ماجنة أبطالها مراهقون أحياناً وكبار سن أحياناً أخرى ما بين الذكور والإناث فيتبارى بعضنا ليزج بأشخاص مغمورين ليكونوا مشهورين ثم يصبحوا قدوة لأبنائنا الذين يتابعون جديد هؤلاء بشغف ولا أستبعد أن يتم استضافتهم بوصفهم من مشاهير التواصل الإجتماعي.

فما ضر أخي إن وصلك مثل هذه الترهات والتفاهات أن تجعلها حبيسة هاتفك ولا تعيد إرسالها وإن استطعت مسحها لكان خيراً عظيما.

قد يقول قائل: الموضوع أبسط من ذلك وأنت نفسك قد ترسلها على سبيل الضحك والمزاح فأجيب: لا أقول لكم أني مَلَك ولكنني أجتهد وسعي ألا أنشر إلا المفيد فالجميع يعي أن من أولويات المواطنة نشر الوعي بأخلاقيات استخدام التقنية.

إن المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تقول: يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق ولكننا لسنا أحراراً إن تعلق الأمر بسمعة بلدنا فللأسف الشديد تصلنا بعض هذه المقاطع أحياناً من خارج القطر وتصبح مادة للتندر والاستخفاف بالمجتمع العماني فلذا لزاماً علينا أن نحرص على مكانة بلدنا ورفعة شأنه وأن يبقى اسم عُمان شامخاً كقلاعها الضاربة في القدم ولن تهتز مكانته إلا وأرواحنا دونه.

صالح بن خليفة القرني