ندوة ” من مسقط إلى زنجبار” تكشف عن رحلة إرث عمان الثقافي وتحوله في شرق أفريقيا

0
2117
ندوة ” من مسقط إلى زنجبار” تكشف عن رحلة إرث عمان الثقافي وتحوله في شرق أفريقي

كتب /عيسى بن عبدالله القصابي

كشفت ندوة من مسقط الى زنحبار التي أقامتها الجمعية العمانية للكتاب والأدباء ممثلة في لجنة التاريخ، ليلة أمس الأول بمقرها بمرتفعات المطارـ رحلة ارث عمان الثقافي وتحوله في شرق افريقيا بمشاركة عدد من الباحثين في الشأن العماني الأفريقي، وهم الباحث سعيد بن سالم النعماني والباحث والشاعر ناصر الرواحي والباحث ناصر الريامي، بمشاركة قصيدة بالمناسبة للشاعر أحمد بن هلال العبري.
الجلندانيون وأفريقيا
الندوة التي قدمها الدكتور سليمان المحذوري وحضرها عدد كبير من المثقفين والمهتمين بالشأن العماني الأفريقي تطرق من خلال الباحث سعيد النعماني في بداية ورقته التي جاءت بعنوان “بعض المظاهر الحضارية للوجود العماني المبكر في شرق زنجبار”، إلى سجل تاريخ العمانيين في ساحل افريقيا الشرقية، الذي بدأ من أواخر القرن الهجري الأول/ القرن الميلادي السابع، واستمر حتى الانقلاب الذي وقع على دولة السلطان جمشيد بن عبد الله بن خليفة بن حارب بن ثويني بن سعيد بن سلطان البوسعيدي، في القرن العشرين الميلادي في عام 1963م، ثم ذهب النعماني ليقدم لمحة عن التأثيرات الحضارية التي نتجت عن وجود الجلندانيين وهجرتهم إلى افريقيا، وأورد النعماني أم هذه الهجرة هي الأساس لكل المجد الذي أنبنى بعدها. وأضح من خلال ورقته ما قامت به الخلافة الأموية منذ نشأتها وسعيها لضم عمان لحكمها وما صادف ذلك من أحداث متداخلة ومنها عظمة النفوذ العماني في افريقيا في زمن الخليفة عبد الملك بن مروان، ومدى تأثير الجلندانيين في هذا التوسع، ومن بين المظاهر الحضارية لهجرة الجلندانيين، نظام الحكم حيث وصل الملك سليمان الجلنداني إلى لامو وقام ببناء هذه المدينة واستقر فيها ، ومن بين هذه المظاهر الألقاب الحكومية والوظائف فالسلطة الحاكمة على سبيل المثال مفالمى، ومن بين هذه المظاهر أيضا نشأة الشعب السواحلي وتأثر المباشر باختلاط المهاجرين العرب.
ـرأس امكومبوه
أما الباحث والكاتب ناصر بن سعيد الرواحي فقد تحدث في ورقته المعنونة بـرأس امكومبوه ومسجد أبناء الجلندى” وهنا أشار إلى الحاضرة التي كانت من الحواضر الأفريقية التي عني العمانيون، فكتاب الهجرات العمانية بين القرن الثاني والسابع الهجريين لشرق أفريقيا للباحث الأديب سعيد بن سالم النعماني خير مثال على ذلك، مرورا بميدان بث روح الإسلام بتعاليمه متجسدة في كينونة تعاطيهم مع صنوف مضطرب الحياة، اذ اسلمة سلوكهم كانت السمة العظمى في مطاوعة الغير اليهم .  اما ميدان التجارة فكانوا به الأسوة الحقة كما يقول الرواحي، وتمثل في السماحتين : سماحة الأخذ وسماحة العطاء ، مرورا بالنجدتين التين قام بهما كل من عهد امامة اليعاربة، وعهد دولة ال بوسعيد ، اذ تعد نموذجا تصعب مزاحمته في تيقن اللحمة العضوية ، لفلسفة تداعي الأعضاء الى بعضها. فباستنطاق الاستقراء لحادثة هجرة أبناء الجلندى واتخاذهم رأس امكومبوه موطناً أصارهم مركزهم الاجتماعي الذي لم يزايلهم قط بان انتخبهم المجتمع ان يكونوا مسيسين له لما لمسوه منهم من حكمة وسداد رأي.
اللغة السواحيلة
وقدم الباحث ناصر الريامي ورقة عمل تناولت بعض الجوانب المتعلقة بالتأثيرات اللغوية بين المنطقين العمانية والأفريقية، وأصل اللغة السواحيلة، وقد طرح الريامي ورقته حيث بيان أصل اللغة السواحيلية، ودور الاستعمار في التحول إلى الحروف اللاتينية، ففي بيان أصل اللغة، فقد اختلفت آراء اللغويين حول أصل اللغة السواحيلية، فمنهم من يرى بأنها عربية الأصل والمنبت، معتمدين في ذلك على أن السواحيلية تشتمل على حروف وكذا أصوات لا وجود لها في اللغات البانتوية. هذه الحروف هي: (ث، ح، خ، ذ، ض، ط، ظ، ع، غ، ق). ويرى الرأي المقابل بأن هذه الحروف لا توجد إلا في الكلمات المستعارة المقترضة من العربية، كما هو الحال في الكلمات (ثواب، وخير، وذهب، وظلم، وغالٍ). ولكن، في المقابل، فتلك الكلمات عصيةً على الحصر، وتغطي مختلف مناحي الحياة الدينية، والاجتماعية، والتجارية، والسياسية، والتعليمية. كما أن هناك قدرٌ كبيرٌ من الكلمات، ليست مُستعارة من العربية فحسب؛ وإنما هي عُمانيةٌ صرفة، مما يعكس الأثر العُماني على تكون اللغة السواحيلية.  كما تأثرت السواحيلية بالعربية في مجال الضمائر حسب قول الباحث الريامي، وفي تركيبة الجملة الإسمية، وفي المضاف، والمضاف إليه؛ بل وتوافق تام مع بنية الجُمَل، كما يقول الريامي،  وهناك أيضا رأي ثانٍ يرون بأن السواحيلية بانتووية الأصل، فهم ينتقدون الرأي الأول بالقول أن أصل اللغة لا تدل عليه كثرة المفردات إلى لغةٍ بعينها، وإنما يدل عليها نظامها الصوتي والصرفي والنحوي؛ وهذه الأنظمة في السواحيلية تختلف تمامًا عمّا يقابلها في العربية.، والرأي الثالث: هي لغة هجينة، لا يمكن نسبتها لا إلى العربية الخالصة، ولا إلى بانتوية صرفة. وإنما هي لغة المولودين بين العرب وزوجاتهم البانتويات.  وهذا ما يرجحه الباحث.