لا توقدوا شمعة …

0
1202

بعد الهدوء الذي تلا العاصفة على غير عادته إذ كان يسبقها فك صاحبنا حبوته ونهض مزمجراً وعض على نواجذه فشعر بوخز في أقصى الفم تذكر إنه قد خلع إحدى النواجذ فلم يعد يجدي العض فحتى هذا ما عاد ينفع بعد تصريح وكيل النفط: “لا يوجد توجيه لوضع سقف معين لتسعيرة الوقود…”

نعم الهدوء وكأن شيئاً لم يكن ” هدرة ليف ” ما تلبث أن تنطفيء فلحظة إعلان التسعيرة أقامت وسائل التواصل الدنيا ولم تقعدها فهذا يسخر وذلك يصور وجبة عشاء خفيفة (شوارما) مع خزان سيارته الفارغ وذاك يسوق الابتسامات التهكمية وبعد أربعة أيام من إعلان التسعيرة الجديدة كان الهدوء وعدنا كما كنا نَصُفُّ طوابير زرافاتٍ ووحدانا على محطات الوقود لملئ خزانات السيارات دون أن ينبس أحدنا ببنت شفة حتى في إعلامنا الافتراضي، لم نستوعب بعد وقود ٩١ ووقود ٩٥ حيث تسمع كلمة ” عاااااااادي” يتردد صداها بين مكائن التعبئة.

هو طبعاً كغيره ناقم على الزيادة الشهرية لسعر الوقود فالخمسة ريالات التي كان يملؤ فمه بها كلما قدمها لعامل المحطة لم تعد تفي لقطع أكثر من ١٦٠ كيلو متر ، وسيارته ذات الأربع الأسطوانات لم يعد يملأ عينها ويقرها سوى ستة عشر ريالاً لتصل حد الامتلاء ذلك الحد الذي يتشبث به كيلا يغفو في كل مشوار يقطعه، ما يقض مضجعه ليس سعر البترول فحسب بل الزيادة في سعر الديزل وما يترتب عليه من إرتفاع في سعر السلع والمنتجات المرتبطة بالنقل سيما وأن ترقيات الخدمة المدنية تراوح مكانها.

في نهضته تلك هبَّ إلى غطاء حقيبة سيارته ففتحه ودس داخلها أسطوانة الغاز لا ليعيد ملأها فهي مملوءة عن آخرها ولكن ليقيس سعة الحقيبة هل ستستوعب أسطوانة غاز كتلك التي شاهدها بأم عينه في دول جنوب شرق آسيا؟ فاجأته ” الأكورد” باستيعاب أكثر من أسطوانتين انبسطت أساريره وسُر أيما سرور فقد تعلم طوال حياته وما زال يُعَلِّم
أبناءه وطلابه ” بدلاً من أن تلعن الظلام أوقد شمعه” ولكن قبل أن يشعل عود الثقاب ليوقد شمعته تساءل هل تم الترخيص في بلدي لاستعمال الغاز في السيارات؟ وإذا كان كذلك فأين هي المحلات التي تعدل السيارات لتعمل بالغاز؟ أثناء ذلك لسعه عود الثقاب الذي أشعله دون أن يدري في لحظة التجلي تلك.

صالح بن خليفة القرني