تفسخ وانسلاخ المرأة

0
1121

لقد خص الإسلام المرأة بصفات كثيرة جدا في مجتمعها ، ولأجل ذلك ألبسها لباس الحشمة والستر وحفظها من مزالق الشيطان بنظام إسلامي متين الذي علمها لها في محكم آياته الكريمة وفي سيرة المصطفى خير الأنام محمد بن عبدالله الهاشمي ، فعلى المرأة في جميع المجتمعات العربية أو الأجنبية كمسلمة على حدا سوى أن تظهر هذه الصفات في أفعالها وأقوالها وليس عكس ذلك .

وما نراه وما نسمعه هذه الأيام من تفسخ وانسلاخ في عاداتها وتقاليدها وسياستها الإسلامية التي جُعلت وخُلقت لها من أعمال وأقوال أصبحت تحت الحضيض وليس الحضيض وحده ، هناك الكثير من الأسئلة التي تدور في ذهني عن الأسباب التي أدت بالمرأة إلى فقد كل هذا النظام والتشريع القوي في حفظ كيانها وإنسانيتها ، وما يثير التساؤل أكثر من غيره ، هو إن المرأة نفسها من سعت إلى تحطيم كل تلك القيم والمبادئ العظام ، ولا أعتقد إننا في عصر الجهل والظلالة بما يجعلها تحيد عن درب الهدى والصلاح القويمين ، بل نحن نعيش صحوة المعرفة في الإسلام ونظمه ومطلعين على كل ما فيه من أحكام تظمن للمرأة حقوقها وأدبها .

لكن رغم هذا وذاك هي نفسها تفضل الانحراف عن هذا السبيل القويم لتغرق نفسها في مفاسد الدنيا من عمل وقول لا يرقى أبدا بهوية المرأة المسلمة ، فكيف إن قلنا المرأة العمانية التي صنعت مع الرجال التاريخ وأنجبت العظام منهم من قادة ومؤرخين وعلماء في كل مجالات الحياة ، تصبح تُجاهر بأفعالها وأقوالها السيئة على أجهزة التواصل الإجتماعي ، وما زاد الطين بلة إنها فقدت زمام التحكم في عواطفها فجاهرت بالحب علنا في كثير من الواجهات الإعلامية المباشرة من إذاعة وتلفزيون عن مشاعرها وأحاسيسها ، لتكاشف الرجل بمكنون ما يدور في خوالجها أتجاهه دون حياء ولا خشية ، وكأنها دون ولي ولا مولا .
هل ضاق بالمرأة الفضاء الواسع على ما رحب ؟ لتلجأ لضيق الطريق فتسلك طرق الضياع دون حسبان لدين أو قبيلة أو عشيرة أو أهل ، هل فقدت المرأة لجام فاهها ؟ ولم تعد تسرجها حبال الخشية والرهبة والحلم والورع والإستقامة ، هل تفككت من كل شيء لأجل لا شيء ؟ ، لا تحسبوني مبالغ فيما أسلفت من حديث وما انتقيت من كلمات ، لكن الجميع الذين يطلعون على منابر التواصل الإجتماعي يعرفون كل ما أتحدث عنه فهم يعيشونه يوم بيوم ولحظة بلحظة ، والأمر في أزدياد وتزايد ، من كل هذه الأسئلة هناك سؤال وحيد هل تستطيع المرأة المتفسخة والمنسلخة عن الأعراف والدين أن تجيب عنه .. من سوف يُعد الأجيال القادمة ليكونوا قدوة لمن بعدهم من الأجيال ؟!!! .
الحقيقة ضاعت مع تقدم وتسارع وتيرة الحياة اليومية في كل جوانبها ومحسوساتها وملموساتها ، وخاصة التطور الإكتروني وإلا أكتروني ، وما تبثه الدول المتقدمة من تقنيات وبرامج دخلت في حياتنا اليومية رغبة منا أو مجبورين على اقتنائها أصبحت سلاح ذو حدين ، ففاق الحد الأدنى منه عن الأعلى ، والغرب بتقنياته وتقدمه يعي تماما بأن العرب والأسلام سلاح هدمه وإبادته الوحيدة هي المرأة ، فإذا أستطاع تفكيكها من أصولها وقيمها ومبدأها ضمن تفكيك الأمة بأسرها ، وها نحن نشاهد هذا الغزو يقتحم جدار المرأة المنيع ليجعله سياج مجوف تمر من خلاله كل الرسائل المدمرة للعالم العربي المسلم ، فهز كيان المرأة هزا ، لتصبح وتمسي وهي تجاهر بالمعصية دون حسيب ورقيب ، فضجت المحاكم بالقضايا وكثرالطلاق وزادت في الطرقات الكاسيات العاريات والمتبرجات تبرج الجاهلية الأولى ، فماتت المرأة المربية إلا ما رحم الله تعالى .
لقد وضح الأمر برمته الآن فقد تحقق المثل القائل ( إن لم تستحي ففعل ما تشاء ) منذ أيام جمعتني صدفة ببعض الفتيات لم يبلغن بعد حسب ما أفصحن عن أعمارهن الثامنة عشرة عاما ، وكن يتباهن بالخمر والشرب وإنهن على استطاعة مجارات الرجال في ذلك ، لم يصدمني الأمر عند سماعهن لمعرفتي ما يدور الآن في كل المجتمعات من تفكك وإنحلال أخلاقي بالدرجة الأولى ، أين الأسرة وأين المجتمع المحافظ وأين .. وأين .. وأين ؟!! ، مراسلات على هواتفهن من شباب يطلبون مواعدتهن والجلوس معهن والخروج في صحبة ، وهن يضحكن مسرورات بل يقتربن مني ليرني الرسائل دون حياء واستحياء ، لقد سكن الرعب داخلي من يومها وأخذت أفكر إذا كان هذا هو حال المجتمعات العربية الآن وفي عصرنا هذا ، فما سوف يكون عليه في عصر أبنائنا الصغار عندما يكبرون ؟!! ، شيء يوحي بالخوف والرهبة ، شيء يحبس الأنفاس ، وكل هذا وذاك ما يحدث هو في غياب الرقيب .
السؤال هو .. من هو الرقيب ؟ .. هل الأب .. الأم .. الأسرة .. المجتمع .. الدولة ؟ .. من !! ؟ ، والضحية بلا منازع المرأة ، هي ضحية التطور ، ضحية نفسها ، ضحية مجتمعها ، ضحية العالم بأسرة ، فإن صلحت الأمة صلح المجتمع وإن صلح المجتمع صلحة الأم والأخت والعمة والخالة و.. و… إلخ ، كيف يكون ذلك ومتى ، أيتها المرأة غائبة البصر والبصيرة كفي عن مزالق الشيطان ؟ .

يعقوب بن راشد بن سالم السعدي