الرونق العذب شذرات من اللؤلؤ الرطب (٥)

0
1838

نعود إليكم من جديد مع أخبار الصالحين وأئمة العلم والدين وكتاب شيخنا الثمين والشذرة الخامسة

من أخبار الإمام سالم بن راشد الخروصي

وحدثني والدي أيضًا معلقًا على ما يؤثر عن الإمام سالم بن راشد – رحمه الله- قبل الإمامة وبعدها، من ضربه المثل الأعلى في الزهد والورع ، يقول: دخلت المسجد ذات يوم وانا صغير وقد فرغ الناس من الصلاة ، فرأيت سالم بن راشد يبكي ، ودموعه تنحدر من وجنتيه ، فأخبرت خالي يعني الشيخ عيسى فقال: انه يبكي لما فاتته الجماعة وقال حدثني عمي حمد بن حميد قال: خرجت يومًا قبيل الظهر إلى خارج البلد يعني المضيرب فرأيت رجلًا يسوق أمامه حماره، وقد أحرقته الشمس، ينتقل إلى الظل أحيانًا ، ويعود وراء الحماره، فقصدته فإذا هو سالم بن راشد ، فقلت له: لِمَ لمْ تركب؟ قال: لأنني أخذت الحمارة بالإعارة من صاحبها، لأحمل عليها تمرًا من السوق ، وغفلت أن أقول لصاحبها أن اركب عليها، فإذن ليس لي أن أجمع بين منفعتين، أخذت الحمارة لواحدة، قلت: لكنه معروف أن من أخذ حمارة ليحمل عليها ركب قال: لا أحب أن أتوسع في الرخص
قال: وجاء ذات يوم إلى السوق، فمر على مسجد يصلي فيه أحد الأثرياء فصلى معهم الظهر ، فجاء ليخرج فقال له ذلك الثري : لا تذهب حتى ((تتقهوى)) والسوق لم يفتح من الآن، فتأخر واستأذن بعد القهوة فلحقه ولد الثري في الطريق فقال له:
إن أبي أرسل إليك هذه الدراهم وكانت ((١٣)) قرشًا لتستعين بها على مهمتك قال: لا إن مهمتي تحتاج إلى قرشين، وهما عندي، فرد الدراهم إلى أبيك، واشكره عني قال: هذه صدقة، ولا ينبغي أن تردها قال: لمن هو أحوج مني ولا أبيت وعندي ما لا أحتاج إليه قال له : لحاجة غد قال: ومن يضمن حياتي لغد ، قال وإن حييت فسيكون رزقي ممدودًا قال: ويبيت الليلة والليلتين لا يأكل فيهما شيئًا إلا الأسودين ، واتخذ شاة يعيش على لبنها، فرآها ذات يوم تحتك على جدار فقال: (( إنا لله وإنا إليه راجعون)) هذه الشاة تجني عليّ وأنا لا أعلم ، وأمر ببيعها في ذلك اليوم، ولم تبت عنده تلك الليلة. وكان لا يبالي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فمن حكايته أنه مر ذات يوم تحت قلعة نزوى وفيها الحضارم عسكرًا من قبل حاكمها سيف بن حمد البوسعيدي ، وقد ظهر منهم رقص وأشياء لا تنبغي في مثل هذا المكان ، ولم يكن له ذلك اليوم أي سلطة، فناداهم من تحت القلعة وقال: تأدبوا في معاقل المسلمين، فسكتوا، وما حيلته فيهم لو لم يسكتوا، لكن سر الإخلاص لله،


ولقي ذات يوم سلطان بن منصور الغفيلي وهو تميمة آل وهيبة طاغوت من الطواغيت ، لقيه في مجمع من الناس وهو يجر إزاره فاستنهره قائلًا: ارفع إزارك فرفعه دون أن يراجع بكلمة، وبعد ما بويع إمامًا خاف سلطان بن منصور فما قدر أن يقابل الإمام إلا بصحبة من الشيخ عيسى.
يتبع …….

ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي