سياسي غشيم

0
1539

الأمواجُ الملهمةُ تعصفُ بالذهنِ كثيرًا، فهي دائمًا ما تكونُ السبيلَ في مولدِ صناعةِ جديدةِ لحلمِ جديدِ ، أمّا يولد فينبض قلبُ الحلمِ والحالمِ ، أو يموتُ عند أولِ طلقةِ مخاض وزفرة، لكنّ للأمواجِ مع الأقدارِ حكايات كبيرة أكثر مما ينبغي أحيانا ، أو حتى أكثر مما يدركه عقلالحالم أحيانا أخرى.

فهناك حالمون يتطوحون ويتخبطون في أروقة السياسة عبثا، هم في الواقع يحيون على حلمٍ يشبه المستحيلَ أو المستحيلَ عينه ، السلطة الأبدية التي يظنون أنهم بالغوها عن قريب ، ما هي سوى أحلام الوطواط بأن يطير في النهار، لكن هيهات هيهات أن يستطيع ذلك ، فلوطاويط تخشى النور وتعشق العتمة، الأمواج المتلاطمة العاتية يستحيل الإبحار بها وإلا أصبحت في قاع البحار أوابتلعك الحوت الأبكم ، الأطماع التي تملأ قلوب الضعفاء من السياسيين .

أعطت السلطة لهم فلسفة عقيمة تسمى العظمة ، فظنوا أنهم بغرورهم وأموالهم سوف يحكمون العالم كله، وأول أطماعهم وخططهم الغشيمة هو غزو جيرانهم، فركبوا الأمواج من بغيه سرقة التاريخ وثقافة وحضارة البلدان الأخرى كانوا في يوم جزءًا منها ، المافيا واللوبي الذي اعتمده الطامعون لا يجدي نفعا أبدًا، فهناك قادة ولدوا للقيادة من ظهور أسلاف القادة ، وهناك من انتخبوا بسبب حسب ونسب ليكونوا قادة ، وهنا الفرق ، القيادة كما هي تورث أيضا هي دماء تغذي أهل الزعامة .

وتاريخ زعامتنا عريق سطره التاريخ والأمم السابقة والحاضرة ، فالمنشق من تاريخنا لا تاريخ له ، فهو فضل العزلة على الألفة ، وخاصم أمه وأبيه وتراب أرضه ، ليصنع من نفس التراب أرضا أخرى وليدة لم يكن يعرفها أحد من قبل ، بل عرفت امتدادًا لتاريخ شعب وأمة أخرى ، وصل تاريخها وأبناؤها ليكونوا أمبراطورية حكمت شرق وغرب الجزيرة ورست سفنها في أفريقيا ، هذه السياسة وهنا القوة والتاريخ والأمة التي ما زالت تكتشف معالمها حتى الآن ، فلم تتلاعب بالتاريخ أو الثقافة أو الحضارة لتصنع لها صوتًا وسط الأذان الصماء

إذا كانت الأمواج أقوى من البحار ، فعلى البحّار أن يبقى في المرسى ، فلا يخوض البِحار إلا صناديد البسالة وربابنة الموج العاتي ، فكف يدك أيها المارق من زرع فتن الأشقياء في الخفاء ، فالزعامة لا تنسج بالمكر والخداع وزيف التاريخ ، الزعامة شأنا لن تصل إلى مفهومه أبدا لأنك لم تشرب يوما دماء ساحات الوغاء ، ولن تتمرس على السياسة في أروقة السلطة والسلطان ، ولم تثأر للثكالى من نساء المسلمين ، ولم تنصف الرجال ولم تعلم ما معنى أن تكون رجلا ، فالرجال معادن ومواقف وهم من يصنعون الحدث الطيب والنبيل ، تزرع السعادة في نفوس الفقراء ، وليس كما تفعل سياسة المغول في قتل وسفك دماء الأطفال والعجزة من الرجال والنساء .

فلا تنسى إن غاب عن بالك بأن التأريخ يسجل من أنت وما تفعل ، فالموج المصطنع لا يخشاه العامة ، فسرعان ما يهدأ ويتوقف عندما تتوقف آلة صنعه .

يعقوب بن راشد بن سالم السعدي