وباء

0
1297

دائما ما يكون وقع كلمة ( وباء ) على مسامع الأذن أو من خلال قرأتها يبعث في نفسك الكآبة وعدم الراحة ، وذلك لأنها إرتبطت بالإبادة الجماعية في الفتك بالأروح أو المرض المميت أعاذنا الله وإياكم من الوباء .

أما الوباء الذي أريد أن أتطرق له اليوم في مقالي هذا فهو وباء لا يقل شأنا عن غيره وهو وباء المحسوبية في العمل ، البعض من تمكنهم وظيفتهم في أن يكونوا هم مصب التوظيف لأي مؤسسة حكومية أو خاصة يفضلون أن يقوموا بتوظيف أحد من أقربائهم في الوظائف المطروحة ويرون أنهم أحق من غيرهم بها لصفة القرباء ، وهنا يقف المستحق الحقيقي في دور الانتظار وربما ظل على ذلك لسنوات بسبب المحسوبية .
كما أن بعض المدراء يفضل موظف دون أخر في مساحة دائرته وقد يوليه مسؤوليات بسيطة لعلمه التام بعدم كفاءته ومقدرته على التنفيذ والإبداع ، ولكن رغم ذلك فهو المقرب لديه ، وقربه ليس لأنه من غير منفعة تذكر ، منفعته في خدمة المدير هي الأسمى والأرجح من خدمة العمل ، فترى هذا الموظف يتسلق الدرجات والعلاوات والمميزات تسلق الحرباء على أعين والملاء دون خوف أو خجل ، فمثل هذه المحسوبية هي وباء لكل موظف ناجح يرى زميلة الفاشل يتبوأ مناصب ودرجات دون ثمار مجهود يذكر ، فقط لأنه قريب أو في خدمة المدير .
البعض ربما يصعد سلالم العمل على أكتاف الأخرين من خلال نقل ما يحدث في الأقسام والدوائر للمدير أو لمسؤول الوحدة ، فيصبح هو الصاحب والخليل ، فتراه دائمة في العمل ملازما وخادما مطيعا لهذه المسؤول ، ولا يصدمك إن رأيته مرة يقبل الأيادي والرؤوس ، فهو إعتاد على التملق والتقرب من خلال أذية من حوله ليصل إلى مطلبه حتى لو كلفه خسارة الأخرين ، فالأخرين لا يعنوا له شيئا مقابل حصوله على مطالبة .
وباء المحسوبية أصبح وأمسى يغزو كل صغيرة وكبيرة في العمل ، مما جعل بعض الموظفين يقدمون على التقاعد أو إنهاء حياتهم المهنية والوظيفية من مقر عملهم بسبب هذه الوباء الذي طال صحتهم النفسية ، وقضى على أحلامهم وآمالهم العظام التي كانوا يحلمون في يوم ما أن يتبوؤوا منصبا يستحقونه مقابل ما أفنوه في سنوات عملهم وإخلاصهم وتفانيهم ، مهما عمل البعض على تفادي وقع وباء المحسوبية عليه فهو لا يستطيع تفاديه أبدا ، فدائما ما يكون وباء المحسوبية يندرج تحت لوبي طويل عريض من أهل المصالح وباعة الذمم ، في كل الأحوال أنت خاسر .
علينا أن نرقى بأخلاقنا وديننا الحنيف وأن نجعل نصب أعيننا إننا مسائلون يوما عن كل عمل نقوم به ، وعلينا كذلك نعيش متعة الإخلاص والتفاني وزرع الإخاء والمحبة في من حولنا من موظفينا ، وننبذ المحاباة والمحسوبية التي لا طائل منها .

يعقوب بن راشد بن سالم السعدي