نجد الواعده بالخير

0
4206

نجد شبه جزيرة العرب ونجد عمان أو ماتعارف على تسميته (بنجد ظفار) جاران تفصل بينهما صحراء الربع الخالي، وكما أن لنجد شبه الجزيره العربيه حجاز هى سلسلة جبال الحجاز على البحر الأحمر تفصله عن سهل تهامة الشهير، كذا لنجد ظفار حجاز هى سلسلة جبال ظفار على بحر العرب تفصله عن سهل صلاله الخصيب، والسمه الغالبه على النجدين تتشابه طبوغرافيا ويغلب عليها طابع الجفاف وندرة الأمطار (مع اختلاف فى الرياح الموسمية المونسون التى تهب على سلسلة جبال ظفار من المحيط الهندى جالبة الأمطار الموسميه <الخريف> والاعاصير الماطره أحيانا بغزاره شديده وتمتد إلى نجد والمناطق المجاوره) .

وبما ان الغطاء النباتي للنجدين خفيف يصلح لرعى المواشى فقد كان الرعى هو الحرفه الاساسيه للسكان فيهما مستفيدين من الواحات والاوديه والشعاب، وتعتبران موطن للبدو الرحل التى تعتمد حياتهم على تربية المواشى كالابل والأغنام والتنقل من منطقه إلى أخرى.

ولعلنا نعلم ان هناك الكثير من الدول والحضارات التي كان موطنها النجد ويكفي للدلاله على ذالك مااكتشف مؤخرا من آثار اوبار ( المدينه المفقودة) والتى حدد المؤرخون عمرها بخمسة آلاف سنه وتقع في نيابة الشصر التابعه لولاية ثمريت (حاضرة نجدظفار) ويلاحظ فى الطريق إلى الشصر آثار لانهار بمحاذاة الطريق ويقال انها كانت مركز طرق تجاريه قديمه كطريق اللبان والحرير، وهناك العديد من الاوديه التى تشق اراضي النجد وتجرى خلالها المياه فى فترات نزول الامطار

وفى ظل العهد الزاهر لعمان بعهد قابوس الخير والعطاء والرخاء وازهى عصور عمان ، قام المواطنون من سكان نجد وآخرون معهم من ابناء محافظة ظفار وعمان قاطبه، الذين تأقلموا مع عصرهم واقلموا نجدهم وحولو ألاراضي التى كانت بالكاد تسد رمق مواشيهم سابقا إلى بساطا أخضر يبهج النفوس ويسر الناظرين وعلى امتداد مئات الافدنه أن لم نقل الاف وسط الصحراء ،

ومنذ سنوات وهم يمدو سوق المنتج الزراعى باجود أنواع الفواكه كالشمام والجح والطماطم وغيرها وايضا الخضراوات بأنواعها وتصل إلى الأسعار الدنيا فى مواسمها، ناهيك عن امداد مربى الماشيه فى عمان بالحشايش واستطاعوا بانتاجهم لها منذ سنين بالوصول باسعارها من مايقارب الثلاثة ريالات للربطه سابقا إلى ريال وريال ومائتي بيسه وكان سعرا معتدل ومثالى للمنتج والمستهلك معا إلا أن إغراق السوق بالحشايش لاسبابا سناتى عليها انخفض سعر الربطة من الحشايش بداء من منتصف العام الماضى 2017 والى الان الى ستمائة بيسه! !!

ولازال مع كل هذا قرار منع تصدير الحشايش إلى خارج السلطنه سارى المفعول ولايمكن للمزارعين تصديره والاستفادة من ذالك بحيث تبلغ قيمة الربطه فى اقرب دوله مجاوره وهى الإمارات إلى قرابة ريالين ونصف عماني.

وقد يتبادر للذهن لأول وهله أن ماوصل اليه سعر الربطه حاليا وهو ستمائة بيسه فى صالح المستهلك وهو الأساس فى المراعاه،

ولكن للأسف أن هذا غير صحيح وان هذا السعر بالنسبه للمنتج هو أقل من التكلفة الفعليه وبالتالى انعدام الجدوى الاقتصاديه للمزارع من إنتاجه وهو ماسمعته من عديد منهم وبالتالى سيتوقفون تماما مجبرين اذا استمر الحال كذالك ، إضافة إلى ارتفاع سعر الديزل فى الاونه الاخيره باضطراد ومعظمهم لم تصلهم الكهرباء إلى مزارعهم ويعتمدون على الديزل فى إنتاجهم

ان مايحصل ليعتبر مؤشر واضح على أن معظم هؤلاء المزارعين سيتوقفون تماما عن الانتاج وسنفاجئ لاقدر الله بالعودة باسعار الحشائش على ماكانت عليه سابقا وهنا الا يحق لنا التساؤل إذا كانت الحكومة مشكوره قد شجعت المواطنين باستزراع نجد ومنحهم الحيازات الزراعيه وتوصيل الكهرباء وشق الطرق فما الذى حدث وأدى إلى هذه الحاله التى ستصبح كارثه بحق إذا لم يتم تداركها عاجلا ليس فقط لأصحاب هذه المزارع بل بالنسبه للأمل الذى عقدناه من سنين على مشروع زراعة نجد باعتباره يعول عليه كأحد روافد الأمن الغذائي يجب تطويره ودعمه للمستقبل وهو ماتسعى إليه الدوله بشتى السبل وتنفق عليه الكثير، فلماذا التوقف عن دعم بادره ازدهرت ونمت وأصبحنا نجني ثمارها وتبشر بالخيرالكثير مستقبلا .

واذا كان هاجس شح المياه الذى يلوح به بين الفينه والأخرى هو السبب، فليس من الأجدى معالجته لتذليل العقبات أمام مشروع واعد كهذا ؟!.

ولااعتقد أن معالجته تستعصى ونحن فى هذا العصر من التقنيه والعلوم فقد شقت انهار وسط الصحارى وحسب معلوماتى البسيطه فى هذا الجانب ارى ان المهم هو ألا نهمل مابداءه شباب خيرين على مدى سنين بجهدهم ومالهم ونتركهم عالقين يعانون ونقف دون حراك بل علينا إيجاد الحلول والمعالجة، وعلى سبيل المثال لا الحصر لماذا لانستفيد من تجربة دولة شقيقة جارة فى إقامة السدود على الوديان فلدينا سلسلة جبال ظفار لحجز هذه السيول المطريه، وهذه الجبال اصلا حاجز طبيعى ماعلينا سوى معالجة مخارج الاوديه الخارجه منها ، وقد سبق ان أشرت فى مقال سابق عن الأعاصير التى تصيب محافظة ظفار بمعدل مره كل عشر سنوات قد تزيد أو تقل قليلا (بإذن الله ) وذالك حسب رصدها الموثق فى أرشيف الجهات المختصة على الأقل ابتداء من الحيمرعام 1949 وانتهاءا باعصار مكونو الأخير ،إلا يستوجب الأمر التفكير ودراسة اقامة سدود .

وقد شاهدنا مانقلته قنوات تلفزيون عمان أثناء الإعصار الأخير مكونو السيول النهريه التى أغرقت منطقة نجد وقطعت وغطت الطريق من مقشن إلى ثمريت بطول يزيد عن ثلاثمائة كيلومتر برغم ارتفاع هذا الطريق عن سطح البحر ولن تقتصر فوائد مثل هذه السدود على حجز واستغلال المياه لزراعة نجد بل ستشكل حمايه لصلاله أيضا ومن الحلول السريعه أيضا لهذه المشكله إعادة النظر فى نوعية المزروعات فى مزرعة نجد للحشائش

فقد صرف مبلغ ثلاثون مليون فقط لتأسيس وانشاء هذه المزرعة وزودت بثلاثين محور بحجم 6 أبراج لكل محور وانابيب مياه بسعة 15بوصه تستنزف 1500 لتر فى الدقيقه لكل محور وعمق آبار يزيد على 450م بينما لم يسمح للمواطنين سوى بعمق 120م وقد نزل منسوب المياه فى المنطقه المجاوره بعد فتره قصيره من تشغيل المزرعه الى200م بعد أن كان فى حدود 100م وقد نما لعلم الجميع ان توجيهات صاحب الجلاله كانت باستزراع أجزاء منها ببعض أنواع الحبوب والخضروات بالاضافه إلى الحشائش وهو المقصد الأساسى من إنشاء المزرعه بغية إراحة سهل الباطنة الذى تملح من كثرة استزراع الحشايش عليه منذ مده طويله ،إلا أن الجميع تفاجأ من استزراع كل أراضى المزرعة الشاسعه بالحشايش واغرقت الأسواق بهذا التنافس بذالك مزارعي نجد المواطنين البسطاء الذين قد ركزو انتاجهم من السابق على انتاجها واستثمروا مبالغ طائلة فى المحاور لهذا الغرض وهى منافسه غير عادله من مزرعة نجد وهى ماهى عليه من إمكانات وبمشاركه رئيسية حكوميه.

أضف إلى ذالك قيام مزرعة زينة الصحراءبنجد التابعه للديوان وقد كان الديوان سابقا يشترى احتياجاته من الحشايش من المواطنين فقامت زينة الصحراء بزراعة الحشايش وتوقف الديوان عن الشراء من المزارعين إلا أنهم لم يتوقفوا عند استهلاكهم فقط بل إن المزرعة أصبحت تبيع الفائض لديها وتنافس مزارعي نجد واخيرا وليس بآخر مزرعة شركة أعلاف ظفار الكائنة بين مزرعة رزات ومنطقة صحلنوت السكنية هى بدورها وبرغم صدور مرسوم بنقلها إلى النجد منذ عدة سنوات حفاظا على مياه صلاله من التملح الاأنها لازالت تزرع الحشايش بحجة إطعام ابقارالمزرعه وتبيع هى الاخرى أيضا فائضها،

كل هذا الإغراق لسوق الحشايش أدى إلى ماوصل إليه سعرها وبالتالى تهديد مزارعي نجد الحلقه الأضعف فى هذه السلسله التى ستكون نتائجها بلا شك خروج المواطنين مزارعي نجد من دوامة هذا الصراع وكنيجه منطقيه ستعود الأسعار إلى سابق عهدها مقاربة لثلاثة ريال وسيتوقف مربو الماشيه البسطاء عن التربيه لعدم الجدوى الاقتصاديه للتربية مع أسعار الحشايش .

ان تلك الاسباب مجتمعه ومع عدم وجود دعم لهولاءنكون قد تسببنا بصوره مباشره بالاضراربهم وبالتالى فإن عدم المبادره بالمعالجه وايجاد حلول سريعة لن يقضى على زرع نجدظفار بل وعلى الضرع فى عمان أيضا .

ان الحلول غير مستحيله وممكنه المهم أن تتوفر النوايا الصادقه المخلصة للوطن فالاسراع بدعم مزارعي نجد والوقوف على مايمكن تقديمه لهم للخروج من هذه الازمه المفتحله يوما بعد يوم بل والبدء بوضع خطه شامله واستراتيجية للنجد وقد حان وقتها فى ظل المتغيرات الاقتصاديه والرؤية العمانية لتعزيز الاعتماد على المصادر غير الثروه النفطية ومانعانى ويعانيه المعتمدين عليها .وحيث انه لم يمضى علينا سوى ايام قلائل من احتفال عمان باليوم العالمى لمكافحة التصحر17يونيو من كل عام والسلطنة من الدول الفاعلة فى هذا التجمع العالمى لمكافحةالتصحر ارجو ان تكون مناسبه للاهتمام بنجد قبل نجده مهدد بالتصحر اذا تخلى المزارعين مجبرين عن الاستمرار زراعتهم ولن يتجرأ احد بعد ذالك بالقدوم مجددا على تعمير نجد زراعيا .

نسال الله التوفيق والسداد للجميع وهو من وراء القصد. حفظ الله عمان واطال بعمر سلطاننا .

المحامى خالد بن سعد الشنفري