الشراء الجماعي: مظهرٌ للتعاون وسبيلٌ للتوفير

0
1166

يُمثل التعاون والتكاتف بين المستهلكين ركنًا أساسيًا في سبيل تعزيز الثقافة الاستهلاكية السليمة،وتحقيق أسلوب أكثر أمانًا في التسوق. ونظرًا لطبيعة مجتمعنا المميز بالترابط الأسري والاجتماعي فقد خرج منه مستهلكون يمتلكون دراية تامة بأهمية الشراء الجماعي، واتباع هذا الأسلوب الذي آمن به الكثير من المستهلكين، بل وأصبح سلوكا استهلاكياً حققوا من خلاله فوائد عديدة. صفحة “المستهلك” تسلّط الضوء هذا الأسبوع على أهمية الشراء الجماعي للأفراد، من خلال استطلاع تجارب عدد من المستهلكين.

في البداية يحدثنا المستهلك سعيد الزهيبي عن طريقته في الشراء فيقول : خلال تسوقي للمنزل عادة أقوم بعمل خطة لشراء المواد الاستهلاكية، كي أضمن شراء السلع الأهم – الأساسيات- التي تكفيني لمدة شهر كامل،بعيداً عن التبذير، وقد لاحظت أن البعض يشتري المواد الاستهلاكية التي تكفيه للاستخدام اليومي فقط، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة المبالغ المدفوعة كل مرة، فمن وجهة نظري أرى أن ذلك ينتج عنه التبذير والإسراف وعدم المبالاة.موضحاً بأن وجود هذه الخطة يساعدني كمستهلك في تحديد احتياجاتي مما يمكنني بسهولة من التشارك مع الآخرين في الشراء، وذلك لوضوح قوائمنا ويمكننا من تحديد الاحتياجات المشتركة فيما بيننا.
الاعتدال في الشراء
من جانب آخر يؤكد الزهيمي بأنه حتى مع الشراء الجماعي فإنه ينبغي الاعتدال في الشراء، فمن غير المنطقي أن يتم شراء منتجات لسنا بحاجة إليها، وأن يكون الشراء لمجرد الاحتياط، نحن والحمد لله لسنا بحاجة إلى تخزين السلع لفترات طويلة خصوصًا وأن الأسواق توفر كل شيء وفي كل مكان. ويخبرنا الزهيمي عن تجربته في الشراء الجماعي موضحاً بأنه في بعض الأحيان يحتاج لمقدار معين من سلعة معينة، ككيلوين فقط من سلعة معينة، في حين أن بعض المحلات لا تبيع بكميات بسيطة، فيلجأ إلى شراء صندوق مثلاً من هذه السلعة ويقوم بتقاسمها مع أحد الأقارب أو الأصدقاء، الأمر الذي يستفيد منه في جانبين فمنها وفر مبالغ مالية، ومنها اختصر على نفسه جهد التخزين وحفظ مواده الاستهلاكية من التلف،
ويوضح: ببساطة بدل أن آخذ أكثر من احتياجاتي من هذه السلع ، آخذ بقدر الحاجة وأبتعد عن التبذير والإسراف وتكبد أموال أنا في غنى عن صرفها.
ويتمنى الزهيمي أن يرى جمعيات تعاونية في السلطنة مستقبلاً، لأنها مهمة جدًا وتضمن للمستهلك وصول المواد المختلفة بسعر جيد وجودة أفضل، كما أنها وجه للتعاون بين الأفراد.
النظام أساس كل شيء
من جانب آخر يقول أسعد الأغبري – مستهلك – بأن النظام الذي يتبعه في حياته وهو تقسيم الراتب الشهري على حسب احتياجاته الأولية لشراء السلع الأساسية للمنزل.
ويوضح أنه يجهّز قائمة للمشتريات سواء كانت مكتوبة على الورقة أو الهاتف لكي يضمن التزامه بالنظام الذي يتبعه شهريًا، ويضيف الأغبري بأنه عادة ما تكون القائمة خاصة بالسلع الضرورية التي فعلا أحتاج لها، والأكثر استهلاكاً في المنزل، فألتزم بها وفي الوقت نفسه أستفيد من العروض المقدمة من المحلات التجارية إذا كانت مدونة في القائمة التي أقوم بإعدادها قبل ذهابي للتسوق. وهذا الأمر يمكن أن يساعدني في موافقة قائمتي مع قوائم مستهلكين آخرين لأجل شراء الحاجيات معاً.
وعن رأيه في الشراء الجماعي يقول الأغبري بأنه يؤيد فكرة الشراء الجماعي مع الأقرباء، خصوصاً لو كانوا يتبعون النظام الذي أتبعه شهريا في التسوق وطريقة الشراء نفسها، مما يجعل التسوق أسهل ومن الممكن أن نشتري مجموعة من الأغراض ونتقاسمها لو كانت بالجملة، ورغم أنني غالباً أتسوق لمتطلبات المنزل دون مشاركة أحد إلا أن التعاون أمر جيد.
ويختم الأغبري حديثه بنصيحة يقدمها للمستهلكين بعدم المبالغة في التسوق والشراء حسب الحاجة فقط، لأنه يدخل في الإسراف، كما يؤكد أن الشراء الجماعي يوفر المال والجهد ، والأهم من كل ذلك يجب وضع موازنة والالتزام بها، وعدم الانخداع بالعروض الجاذبة أو الانجرار لها.
نوع من التشارك والتعاون
كما يشاركنا خليفة مبارك الدرعي – مستهلك – عن تجربته في الشراء الجماعي وأهميته فيقول : قبل الحديث عن عملية التسوق والشراء يجب على كل مستهلك أن يقسم دخله الشهري وفق احتياجته الشهرية، والالتزامات الأخرى، وأن يضع التسوق والشراء ضمن هذه الاحتياجات ويضع لها مبلغًا بقدر حاجته دون أن يفرط في التسوق ويبالغ عند وصوله للسوق.
ويضيف الدرعي: من أكثر الأشياء التي تجعل المستهلك يتقيد بما أقره شهريًا بمبلغ التسوق هو وضع قائمة للأولويات، ثم الكماليات والأشياء الأخرى، لأن القائمة تلزم الشخص بطريقة ذاتية أن يلتزم بما جاء فيه ولا يكترث للعروض المقدمة من قبل المحلات التجارية، وفي حال ذهب للتسوق وهو لا يحمل أي قائمة من الطبيعي أن يقوم بالشراء العشوائي، ومنها يشتري حاجات هو لا يحتاجها أساسًا.
ويكمل الدرعي حديثه: الشراء الجماعي موضوع رائع جدا، وأرى أنه يدخل في باب التعاون والتشارك، ويزرع بين المستهلكين ثقافة البحث عن الجودة والأسعار المناسبة، وهو أمر ضروري للذين يقطنون في مناطق بعيدة عن الأسواق الرئيسية، بحيث يشتري الشخص كمية ويتقاسمها مع الآخرين، وهذا أمر نطبقه كثيرا من باب التعاون أولا ثم من باب التوفير .
ويضيف بأن تحديد الكمية أمر مهم حتى ولو كان بالشراء الجماعي، أي لا يشتري بالجملة وفي النهاية يقوم بتخزينه في المنزل وينتج عنه التلف أو الانتهاء، وهناك للأسف الشديد بعض الأشخاص يبالغون في شراء كميات كبيرة وربما هي ليست من الأولويات مما ينتج عنه في الأخير انتهاء صلاحيتها وهي لم تستهلك بعد؛ لذا أرى أنه من الضروري تحديد الكميات وفق الحاجة وضمها ضمن القائمة الشهرية .
ووجه الدرعي نصيحة للمستهلكين بأن يبتعدوا عن الإسراف في الشراء، وعدم الانجرار خلف التخفيضات الجاذبة، وحيث لا يوجد داع لشراء كميات تزيد الحاجة من السلع، وإن حدث فلا بد من التعاون مع الأقارب وتقاسمها.
حملات مستمرة
ويقول سعيد بن سليم العميري، مدير إدارة حماية المستهلك والخبير القانوني بالهيئة بأن «حماية المستهلك» تعكف على زيادة الوعي لدى المستهلكين وغرس الثقافة الاستهلاكية السليمة لتكون حاضرة لديهم في كل عملية تسوق، ويتمثل ذلك من خلال حملات الهيئة المختلفة التثقيفية والتوعوية التي تعمل على إيجاد ترابط بين أفراد المجتمع والسعي للبحث عن وسائل لتعزيز بيئة أكثر أمانًا للتسوق.
ويضيف بأنه من بين الأساليب الناجحة التي وجدتها الهيئة أن عدداً كبيراً من المستهلكين يعدون الشراء الجماعي أحد أساليب الشراء المفيدة ، وهو ما أثبت نجاحه من خلال تجارب المستهلكين، ونحن في الهيئة نؤيد هذا النوع من عمليات التسوق؛ لأنه يسهم في توفير المال لدى المستهلكين ويحفزهم على اقتناء المناسب لهم في السوق، كما أنه يُعدّ من أساليب التعاون والتكاتف لدى المجتمع؛ فالشراء الجماعي يعد ضمن الأساليب التي تحقق المنفعة الجماعية لدى المستهلكين وتبادل الخبرات فيما بينهم وهو ركيزة مهمة لزيادة الثقافة الاستهلاكية والتعاون، وتسعى الهيئة إلى زيادة الوعي لدى المستهلكين بأهمية الشراء الجماعي لهم.

التسوق بأخذ الخبرة من الأقرباء
يُعد أسلوب الشراء الجماعي ركيزة أساسية في توفير المال وأخذ الخبرة من الأقرباء نتيجة الخبرة الطويلة في التسوق ومعرفة الأسعار في المراكز التجارية المختلفة، وشخصيًا أعد الشراء الجماعي عاملا أساسيًا في شراء السلع الضرورية، خصوصًا مع متطلبات الحياة المختلفة بالإضافة إلى الكماليات؛ فالمستهلك قد يشتري بضاعة غير ضرورية للمنزل ، وهنا تكمن المشكلة في ثقافة الشراء، فلا بد للمستهلك أن يعي ما يشتري وما يلزمه، لا سيما وأن الحياة تمر بسنوات عجاف قادمة لا نعرف إلى متى تستمر، لذا فالوعي الاستهلاكي مهم جداً ويجب علينا أن نرفع من مستوى الثقافة الاستهلاكية لأنفسنا أولاً ثم لأسرتنا وأقربائنا، فالتسوق مع الأقرباء والأصدقاء ومن لديهم الباع الطويل في معرفة السلع والمتاجر التي تدعم المواطن بالمؤن المعيشية أمر مهم، ولا يعد تكاتفًا وترابطًا فقط ، بل هو تبادل للخبرات، مما ينتج عنه الاقتصاد خلال الشراء، فأحيانا ينسى الشخص نفسه في المحلات التجارية وسط الإغراءات المقدمة والتي تأتي غالبا على هيئة تخفيضات. وشخصيًا أقوم بتخصيص يوم واحد كل أسبوع وأشتري قدر حاجتي لعدة أيام فقط فأنا لا أشجع على الشراء الباهض وعدم المبالاة في إنفاق المال في شيء لا جدوى منه، وهناك أمر مهم يجب على الجميع إدراكه وهو أن الشهر الفضيل شارف على دخوله -نسأل الله أن يبلغنا الشهر الكريم جميعا- وفيه ترى المستهلكين يتحاشدون في الأسواق والإنفاق دون وعي وكأن الأسواق ستقفل خلال شهر رمضان، ولكن الأمر عكس ذلك فالبضاعة متوفرة في كل وقت ، ويستطيع المستهلك أخذ قدر حاجته من المتاجر دون الحشد والمباهضة في الشراء.

فضفضة مستهلك: عندما كنّا صغارًا
علمني والدي منذ سنوات طويلة أن لا أشتري حاجاتي من السوق إلا في الصباح الباكر، خصوصاً للمواد الغذائية كالخضروات والفواكه والألبان والعسل والسمن وغيرها من المنتجات، ولا أتوجه إلى سوق بلدتنا وأبتعد عن المحلات التي يديرها الوافدون في ذلك الوقت قبل تعمين محلات المواد الغذائية .
كان والدي يصطحبني معه إلى السوق ويقوم بشراء المواد الأساسية عن طريق المزاد أو ما يطلق عليه محليًا بـ”المناداة”، ويقوم بشراء كمية ويتقاسمها مع أحد أصدقائه أو من الموجودين، مثلاً هناك ثمار موسمية تأتي للسوق من المزارع العمانية، ويتم عرضها بكميات كبيرة، بعضها يتم شراؤه من قبل تجار لكي يعيدوا بيعه لمن جاء إلى السوق متأخراً أو في الفترة المسائية، يقوم والدي في الدخول في المناداة بالاتفاق مع أحد الأشخاص في السوق صديق أو قريب أو أخ بأن يتقاسموا تلك البضاعة وأحيانا يتقاسمها أكثر من شخص، فمثلا نحصل أحياناًعلى ربع الكمية أو نصفها أو حتى خمسها حسب احتياجاتنا.
نأخذ تلك الكمية التي تكفينا للمنزل، وأحيانا يشتري والدي كمية كبيرة ويذهب بها للبيت ويطلب أن أذهب لتوزيع بعضها على الجيران والأقارب ، وأحيانا يشتري لجيراننا ما اشتراه لنا بعد أن اتفق معهم على ذلك. كانت أياماًجميلة ورغم اختلاف الزمن الآن ما زلت أتبع ذلك، أذهب كل جمعة إلى السوق المركزي في الولاية وأشتري بنفس الطريقة رغم تقلصها كثيرًا عن السابق مع انتشار المحلات التجارية الكبيرة . الشراء الجماعي أمر في غاية الروعة، منها توفر مبالغ مالية ، ومنها تحصل على الجودة، والأمر الأهم أنها تبعث في النفس التقارب والتعاون مع الجميع، بل وأصبح البعض يذهب للسوق مع الآخر، وهذا يأخذ بضاعة والآخر بضاعة مختلفة ويقومون باقتسامها، وعلى سبيل المثال بدأ قبل أسبوعين موسم الثوم العماني، وخطتي السنوية هي أن اشتري كمية كبيرة أقوم باقتسامها مع عائلة أخي، وهذا ما أنوي فعله أيضا هذا العام.