الرونق العذب شذرات من اللؤلؤ الرطب 18

0
425

بقلم/ ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

نواصل السرد المشوق من كتاب شيخنا سعيد بن حمد الحارثي مع هذه الشذرات المختارة….

وكان من عادة الشيخ نور الدين إذا أصبح يسأل تلاميذه : من منكم رأى رؤيا؟ وكان من عادته أيضًا إذا قعدوا لقراءة القرآن،

قال لأصحابه: ليفكر كل واحد منكم أثناء القراءة في آية من الذي قرأناهُ: وليبحث عنها بعد القراءة، حتى تكون سببًا في التعليم وحصول الفائدة،

وكان من عادته أنه لا يقنع بالشيء إلا بصحة لا يحوم حولها الشك، ومن ذلك: أنه انتقد على الوالد عبدالله بن حميد الحارثي تصديه للطب وقال: من أين لك هذا العلم؟

لعلك تتعرض لإساءة الناس حتى ابتلاه الله بقروح في رأسه آذته، وبقيت فيه مدة طويلة، فقال: ربما نجرب طب عبدالله بن حميد
فسأله عن ذلك: فوصف له طلاء من مركبات سبع كلها حارة الطبع كالقرنفل والقرفا والزنجبيل.. إلا السابعة فهي باردة: وهو الشعير، يمزج الجميع فتطلى به القروح،فما احتاج أكثر من ثلاث مرات، حتى رأى الصحة دبت فيه،

وكانت سببًا لشفائه فسأله: لم اخترت هذه المركبات، وكلها حارة إلا واحدة باردة؟ قال: الدواء في المركبات الحارة وأما السابع فليس فيه دواء، إلا أنّا وضعناه لتبريد حرارة تلك المركبات، لأنك لا تطيقها لو لم نبردها، فاقتنع الشيخ ورضي عن طبه، واعترف له

، وكتب إليه ابن عمه الشيخ محمد بن شيخان السالمي: أني امتدحت السلطان فيصلا بقصيدة: أعطاني عنها أربعة آلاف قرش، أو أربعمائة قرش: فرد عليه الشيخ نور الدين: علمت ذلك من كتابك، واعلم أنه لو أعطاك بكل بيت ألفا، لكُنتَ أنتَ المغبون

، فانتهز الشيخ الشاعر الفرصة، فذهب إلى السُلطان وأراهُ الكتاب، وقال له: هذا ما يقوله أخونا السالمي، وكأنه يعرض بطلب زيادة، فقال له السلطان: أنت تدري ما يعنيه أخوكم السالمي: معناهُ أنت المغبون في دينك لا في دنياك، لأنه لا يجيز مدحنا،

لكن: ما الذي قلته أنت فينا، بعد الذي قلته في صالح بن علي الحارثي:

ففي تاجه العليا وفي وجهه التقى

وفي كفه النعمى
وفي سيفه النقم

فالقصيدة التي يشير إليها أنه امتدح بها السلطان هي الهائية التي مطلعها

شمس من الأنس
صار الحسن هيكلها

أهدت إليه النهى طوعًا معولها

ومطلع القصيدة التي امتدح بها الشيخ صالح بن علي ، هو قوله

تبلج صبح الحق من مطلع الهمم

فسبحان من أفنى به حلة الظلم

…يتبع

في الشذرة القادمة ذكر شيئا من أخبار الشيخ الطبيب
عبدالله بن حميد بن عبدالله الحارثي.