لَمّ الشتات في القول بالكرامات

0
602

بقلم / ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

… أتت فكرة كتابة هذا المقال ثمرة حوار لطيف وكان هادفًا ولم يكن بالعنيف مع أحد الإخوة الأعزاء جعله الله دومًا وأبدًا من السعداء فله كل الشكر بعد شكر الله تعالى أن كان سببًا في كتابتي لهذه الأسطر ، متوكلًا على الله الذي تفرد وحده بالبقاء وحكم على جميع خلقه بالفناء وله العزة والكبرياء وإليه يرجع الأمر وله القضاء، فأقول بعون الله وتوفيقه عجبتُ لمن لا يؤمن بالكرامات وينكرها ويقول الحمدلله أنني إذا لم أؤمن بها لم تخرجني من ملة الإسلام أو بمعنى آخر أن الإيمان بها ليس من الضروريات بالدين وهذا التعبير هو كما هو نقلًا عن صاحبه كما وجدناه وقد سبق وأن أشرنا إلى موضوع الكرامات في مقالات سابقة بإشارات عابرة و عن انقسام الناس إلى فريقين منهم من ينكر الكرامات جملة وتفصيلًا ومنهم من وصل به الأمر إلى الغلو وتصديق كل مايقال وكل مايسمعه من القصص والحكايات وإن كانت هذه القصص و الحكايات لا ترقى إلى الصحة وأنا هنا أدعو إلى الاعتدال والوسطية بين هؤلاء وهؤلاء وإلى احترام جميع الآراء ولكل شخص قناعاته وطرق تفكيره لا شك في ذلك ولاريب والأمر محمولٌ على السعة والبسط دون التضييق ، والسلاسة والمرونة دون التشديد لكي تطمئن القلوب وترتاح النفوس فمن يعلو صوته تضعف حجته وتضطرب كلمته ولذا لا يُسمع له ولا يؤخذ برأيه، كما أن الاختلاف أمرٌ وارد وخلاصة الكلام ولُب الموضوع أن كل إنسان على وجه هذه الأرض له كراماته ومنزلته عند الله تعالى وتتفاوت هذه المنزلة وهذه الكرامة من شخص إلى آخر بدرجة قربه من الله ومدى قوة إيمانه به و توكله عليه ولا يعد هذا الأمر من المستحيلات أو الخوارق كما يظن ذلك البعض قال الله تعالى في سورة الإسراء (۞ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ) صدق الله العظيم الآية (70) وقال تعالى مخبرًا عن نبيه يونس عليه السلام عندما كان في بطن الحوت

﴿وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ﴾ من سورة الصافات الآية 46 صدق الله العظيم ، أين كانت هذه الشجرة في بطن الحوت سبحان من أنبتها كرامة ومعجزة لنبيه وقال الله تبارك وتعالى على لسان نبيه سليمان عليه السلام ( قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) النمل الآية 38 صدق الله العظيم فأجابه عفريت من الجن ثم أجابه الذي عنده علمٌ بالكتاب فلنسمع الجواب أيها الأحباب قال الله تبارك وتعالى ( قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) سورةالنمل الآية 39-40. صدق الله العظيم ، وتفاوت العلم أيها الأحبة من الكرامات والتقرب به إلى الله أشرف القربات فجلب عرش بلقيس بأسرع الطرق وخلال طرفة عين أولا يعد ذلك من كرامات العلم وأسرار الكتاب نعم ذلك هو علم الكتاب فكيف عندما نسمع عن من آتاه الله علما في الأسرار ويدا طولى في العلم الشريف وتوكلًا وتبركًا بالقرآن الكريم أننكرُ كراماته وعلمه ولا نؤمن به وربما يقول قائل هذه الأمور خص بها الأنبياء فقط و نقول تلك معجزات للأنبياء من الله عز وجل نعم ، ولكن العلماء ورثة الأنبياء وإذا اقترن العلم مع التقوى والإخلاص حلت البركة ووقعت الكرامة قال الله جلاله ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الآية (13) من سورة الحجرات صدق الله العظيم ، ونتذكر موقف الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه عندما وصل صوته إلى الجيش وهو على منبره وبينه وبين جيشه بونٌ شاسعٌ وفرقٌ مكانيٌ كبير وهو يقول يا ساريه الجبل محذرًا بذلك جيشه وهذه كرامةٌ لهذا الخليفة الراشد رضي الله عنه وأرضاه وسيرته المشرقة بالعدل ، والأمثلة على ذلك كثيرة ولا أريد الإسهاب في هذه القضية بقدر ما أردت التوضيح وإلا فلديّ الكثير من القصص والأخبار التي سمعتها بنفسي من الشيخين سعيد بن خلف الخروصي وسعيد بن حمد الحارثي رحمهما الله و قد وقعت هذه القصص والأخبار لهما شخصيًا وهما عندي من الأولياء الثقات ، ونحن ندعو لمناقشة هذه الأمور من خلال الحوار الهادف دون تعصب لرأي معين ولنبين الصواب ونسوق الدليل على ذلك من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وسيرة الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، ولا يخفى على الجميع أن هناك من عباد الله من لو أقسم الواحد منهم على الله لأبره ، فلماذا عندما أسمع عن فلان أقلل عمله و لا أؤمن بفعله وصنيعه قال الله تبارك وتعالىۗ ( وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) الآية (4) من سورة الفتح صدق الله العظيم ، علينا أن لا نقلل من شأن أي إنسان كان فإننا لا نعلم ما الذي بينه وبين الله عز وجل
قال عالم الشعراء. وشاعر العلماء أبو مُسلم البهلاني رحمه الله :-
على الأرض منكور ويُعرف في السماء
له مخبرٌ بين الملائكِ شائعُ
نعم هكذا تكون المنزلة والكرامة فنحن لا ننقل كل مايقال ونتثبت من المنقول من الأقوال والأفعال فلا تفريط ولا إفراط ولا غلو ولا إنكار وخير الأمور الوسط والحكمة ضالة المؤمن والحقيقة مبتغاه ،. هذا ما أحببت ذكره بإختصار على عجالة لتبيين الحق وتوضيح الصواب وأسأل الله العلي القدير لي ولكم الغفران فإن أصبت فبتوفيق من الرحمن وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان.