بابا .. شوفني !!

0
2404

بقلم ✍🏻: عبدالله الراشدي- أبو وسام

مساء َيومِ الجمعة .. في أحدِ المراكز المخصصةِ لألعاب الأطفال ووسط غمرةِ الانشغالِ والانغماسِ بمتابعة الاتصالات والمحادثات الهاتفية – كالعادة – انتبهت فجأةً لصوت ابنتي الصغيرة “أريام” ذات الخمسةِ أعوام والتي كررت نداءَها لأكثر من ثلاث مرات :” بابا شوفني ” ولسان حالها يقول أن فرحتي ومتعتي باللعب يا أبي لن تكتملَ ما لم أرَ تعابير وجهِك وأنا أتنقل بين لعبةٍ وأخرى.

بابا شوفني
نداءُ الطفلِ لكل أبٍ وأم ووليّ أمر بأنه “من حقي أن تشاركَني لحظاتِ الفرحة بكل أحاسيسك، ونظراتِك وابتساماتك وضحكاتك وحتى بانفعالاتك ، أتمنى أن أشعرَ بالأمان وأنا أقفزُ بين لعبةٍ وأخرى وأن يحتويني قلبُك قبل أن تراقبَني عيناك، ولا يكفيني أن تتركَني مع العاملةِ وتذهبَ مع أمي للتسوق أو تجلسَ في مقهى مع أصحابك، ففرحتي تكتملُ بوجودك معي يا أبي ”

بابا شوفني
لفتةٌ هامةٌ للاستمتاع باللحظة، فالعمرُ لحظات، ولحظات الطفولةِ وكلِّ مراحل الحياة إن ذهبت لن تعود ، فمتى سنستمتعُ بحاضرِنا وبما نملك إن كانت أفكارُنا في صراعٍ مستمرٍ بين آلام الماضي وآمال المستقبل؟ لماذا نؤجل الإحساسَ بلحظات الفرحةِ والسعادة ونحرم أنفسَنا وأحبابَنا ومن حولنا ذلك الشعورَ الذي قد ينسينا همومَ الحياةِ ومتاعبها المستمرة ؟!

بابا شوفني
هكذا هو لسانُ حال أطفال اليوم وهم محاطون بمستجدات العولمةِ وإفرازاتِها التقنيةِ وزادت على إثرها الحاجةُ إلى مقاومةِ مسببات الانجراف الفكري والانحراف السلوكي و التأثير الواضح والمتسارع للمنصات الافتراضيةِ ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث بات أطفالُنا عرضةً للصيد السهل من قبل بعض ضعاف النفوس وهم يبحرون في عالم الفضاء الالكتروني الذي قد يستوعب أبجدياتِه الأبناءُ قبل آبائهم.

بابا شوفني
دعوةٌ لإعادةِ تنظيم الوقت وترتيب الأولويات مع الوضع في الاعتبار أهمية المحافظة على كيان الأسرة واستقرارِها ، إذ ليس من الحكمةِ أن يسخرَ المرءُ جلّ وقته لخدمةِ الآخرين وهو مقصرٌ في واجباته مع أهلِ بيته وهم أولى بالرعاية والاهتمام، فكلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته، وتماشيًا كذلك مع النهج النبوي المتمثل في قوله صلى الله عليه وسلم : ” خيرُكم خيرُكم لأهلِه وأنا خيركم لأهلي” .