التعبير والتغيير

0
662

1- التعبير والتغيير يحملان نفس الهيكل البنائي للحروف فلهما الرسم نفسه ، وهذا يعني أن بين الكلمتين علاقة وثيقة، وهو ما يثبته واقع السلوك الإنساني ،حيث لا تغيير بلا تعبير ولا جدوى من تعبير لا يستتبعه تغيير.

2- تعبير والحرية صنوان لا يفترقان، وهما وجهان لعملة واحد؛ فلا تعبير بلا حرية ولا حرية بلا تعبير.ومن هنا كان مفهوم ” حرية التعبير” حقاً أصيلاً من “حقوق المواطنة” المنبثق من مبادئ ” حقوق الإنسان”.

3-  التغيير نتيجة تتحقق إثر سلسلة من العمليات؛ تبدأ بالحرية ، فالتعبير التحليلي الناقد للواقع، فالمشاركة في صنع القرار فالمسؤولية المشتركة ،فالرقابة على الأداء فالمحاسبة على التقصير والخلل.

فلا تغيير بلا محاسبة ولا محاسبة بلا رقابة ولا رقابة بلا مسؤولية ولا مسؤولية بلا
مشاركة ولا مشاركة بلا تعبير ولا تعبير بلا حرية.

4- حرية التعبير” تشكل خنجرا في خاصرة كل من يؤمن بمبدأ “السلطة والطاعة”، وتعتبر عدوا لدودا ًُُ لأصحاب ” الأسلوب الإقصائي” الارفضين للتعددية التي تقوم على فكرة الراي والراي الآخر

5- “الأسلوب الإقصائي” فكرة شيطانية الأصل بدأها إبليس واقتبسها البشر منه وتفوقوا فيها
فاستخدموا أساليب “التصغير” و”التحقير” (َقالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا ِمما تقول وِإَّنا لنراك فينا ضِعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أَنت علينا ِبعِزيز) هود/11. و”الاستعلاء” (فقال انا ربكم الاعلى )النازعات 24

والتعذيب (قاَل أَفَتْعُبُدوَ مْن ُدون َّاللَّه ما لا َيْنَفُعُكْم َشْيًئا َولا َيضُّرُكْم. أف َلُكْم َولما تعبُدوَن مْن ُدون َّاللَّه أَفلا َتعقُلوَن قاُلوا حرُقوه واْنصروا آلهَتُكم إْن ُكْنُتم فاعلين ) الأنبياء/ 66

6- حرية التعبير لا تعني الفوضى والغوغائية والانفلات من منظومة القيم الأخلاقية، لكنها راي بناء يعمل على تصحيح المسار وتطوير الافكار بالتفكير الخلاق الي يؤدي الى التغيير الايجابي

7- التغيير قد يكون سلبياً أو إيجابياً؛ فالتغيير السلبي يأخذ مفاهيم الانحدار والضعف والتخلف،وقد يكون قسرياً على الفرد والمجتمع من خلال الاحتلال أو الظلم الواقع عليه، أو ارادياً من خلال التكاسل والخوف والخضوع للواقع .أما التغيير الإيجابي فيأخذ مفاهيم التجديد والتحسين والتطوير، فالمجتمع الذي يكرر مدخلاته وعملياته سنين طويلة لا يمكن أن يحقق نتائج مختلفة ،وبالتالي يقع في دائرة التغيير السلبي ؛ إذ أن مدخلات العام 1990 وعملياته لا يمكن أن تكون نفسها في العام 2022 فعناصر المعرفة من مفاهيم وقيم ومعلومات وسلوكات جميعها تتغير بسرعة وتسارع كبيرين كل خمس سنوات وبالتالي من لا يتجدد يتبدد.

8- التغيير الإيجابي يتحقق بالتغير،والتغير منشأه ذاتي ينطلق من داخل الفرد ويتكون من المعرفة
والدافعية والثقة بالذات والاستعداد والجراءة على التطبيق، وهو عامل اساسي لحدوثا لتغيير (ِإَّن اللَّه لا يغِير ما ِبقوم حَّتى يغِيروا ما ِبأَنفِسِهم) الرعد/11.

فتغيير البيئة الداخلية للفرد يأتي أولا قبل تغيير البيئة الخارجية المحيطة به.

9- مقاومة التغيير تأتي متازمنة مع ظهور التغير الإيجابي لتعمل على رفضه والقضاء عليه.

ويقاوم التغيير الإيجابي صنفان أولهما أصحاب المنهج القروي القائم على السلطة الفردية والأسلوب الإقصائي ورفض الراي الآخر،

وثانيهما الفئة المنحية تحت أقدام المصلحة؛ الذين يعشقون الرقص على السلالم ،ويجيدون تقمص الأدوار المختلفة فيلبسون أقنعة الذئاب والحمير والثعالب والنعام على حسب طبيعة الدور، وهؤلاء هم أشد الفئات مقاومة للتغيير الإيجابي فيسعون جاهدين إلى قتل الكلمة قبل انتشارها، ووأد الفكرة أثناء ظهورها، لأن الكلمة نتاج التعبير والفكرة نتاج
التفكير. والتفكير والتعبير عاملان أساسيان لعملية التغيير.

د.هاشل بن سعد الغافري

أستاذ مشارك-كلية التربية بالرستاق

جامعة التقنية والعلوم التطبيقي